“حملة اونوس” ومشروع “فنلندا الكبرى”… ارهاصات التاريخ السياسي على حدود قلقة
![](https://finirs.com/wp-content/uploads/2020/11/فنلندا-الكبرى-780x470.jpg)
سعى الفنلنديون الى خلق وتعزيز هويتهم القومية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عبر سلسلة من الخطوات الثقافية، الاجتماعية والسياسية قامت بها شخصيات بارزة في المجتمع الفنلندي على غرار الكاتب “سنيلمان” والاديب “الياس لونرت” كاتب الكاليفالا إضافة الى موروث الشاعر “اينو لينو” وقبلهم سعي اغركولا الى تأسيس اللغة الفنلندية وغيرهم من رموز الشعب الفنلندي.
شيئا فشيئا اخذت تتراكم خطوات تعزيز الهوية الفنلندية، وبعد ان توجت بالاستقلال حاولت بعض المجموعات التطرف في طرح تصوراتها عن الهوية السياسية والجغرافية الفنلندية، سيما بعد ان ارتبكت الأوضاع في روسيا. بعض المتطرفين الفنلنديين طرحوا مشروع “فنلندا الكبرى” التي تشمل استونيا، أجزاء من الحدود الشرقية مع روسيا وهي منطقة كاريالا، آنذاك كانت المنطقة مقسمة بين فنلندا وروسيا، كذلك بعض الأجزاء الشمالية التابعة للسويد.
هذا الطموح المندفع والعاطفي دفع حوالي بضعة آلاف متطوعا حاملا للسلاح في نيسان 1919 الى استغلال ارتباك الأمور في روسيا والاستحواذ على الأجزاء الروسية من منطقة كاريالا وبالذات على مدينة أونوس ” Aunus”، اونوس هو الاسم الفنلندي لمدينة أولونتس الروسية، الحدث سمي آنذاك بـ”حملة اونوس” انطلاقا من اسم تلك المدينة.
في الواقع فان هذه المجموعات لم يكن بإمكانها التحرك وجمع السلاح لو لم تحصل على غطاء سياسي من قبل بعض اليمينيين في فنلندا إضافة الى وجود مجموعة “الياكريت” التي تدربت على حمل السلاح في المانيا بهدف طرد الاحتلال الروسي وحينما وصلت فنلندا عام 2018 شاركت في الحرب الاهلية ضد الحمر وساهمت بحسم الموقف لصالح البيض، لتلك المجموعة دور بارز في ذلك الحدث العسكري. إضافة الى ذلك فان الجيش الفنلندي قبل ذلك سعى الى السيطرة على بعض مناطق كاريالا عام 2018 بشكل او باخر، ما شجع على ذلك التصور هو تعالي أصوات في كاريالا نفسها بضرورة الانضمام الى فنلندا انسجاما مع تعالي الحس القومي في فنلندا.
في نهاية المطاف وبعد عدة اشهر من القتال في كاريالا الشمالية حسم الموقف لصالح روسيا وفشلت المحاولة لكنها بقيت محطة مهمة في التاريخ السياسي للمنطقة وساهمت بشكل او باخر باندلاع حروب لاحقة بين فنلندا وجارتها الكبرى روسيا.
جمال الخرسان