سياسة

حركة “لابوا” و”تمرد مانتسالا” عام 1932 … حينما كانت فنلندا على وشك خوض حرب أهلية جديدة

 

في نهاية العشرينات من القرن الماضي تاسست حركة سياسية يمينية فنلندية تحت مسمّى “حركة لابوا” او “Lapuan like”، بهدف تعزيز النشاط السياسي لليمين وترسيخ مكتسبات الحرب الاهلية، ومناهضة النشاط السياسي الشيوعي والذي يمثل بحسب قناعة الحركة امتدادا للنفوذ السوفيتي في فنلندا.

بدى واضحا بان ان حركة لابوا متاثرة جدا بالنشاط المتطرف للحركات اليمينية في أوروبا وخصوصا ما يجري في إيطاليا وألمانيا، كانت متاثرة بالفكر الموسوليني والنازي من جهة ومن جهة أخرى التحذير من نشاط الحزب الشيوعي الفنلندي ” Suomen Kommunistinen Puolue” الذي تاسس في العشرينات من القرن الماضي والمعروف اختصارا بـ SKP، الحزب يرتبط بالحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي، هذا الحزب كان يتحرك في صفوف أحزاب فنلندية يسارية، ويشارك في الانتخابات وحصل على مقاعد برلمانية. الشيوعيون قاموا بتنظيم بعض الإضرابات والاحتجاجات في المصانع في العشرينات من القرن الماضي، كل هذه الظروف أدت الى زيادة الاحتقان في صفوف البيض والحركات اليمينية المتطرفة. هذه الأخيرة ومنها حركة لابو كانت تعتبر ذلك تهديدا للهوية الغربية في فنلندا وعودة للنفوذ الروسي من خلال النشاط الشيوعي.

الحركة استثمرت سوء الأوضاع الاقتصادية عام 1929 وقامت بتسيير سلسلة من المظاهرات والاحتجاجات.  بدايات الحركة كان مقتصرا على النشاط السياسي والإعلامي لكن الأمور تغيرت لاحقا للتوج الحركة نشاطها بـ”تمرد مانتسلا” المسلح والذي كاد ان يعيد فنلندا لمرحلة الحرب الاهلية التي حصلت عام 1918.

حيث قام مئات المسلحين التابعين لحركة ابوا يوم 27 شباط عام 1932 باقتحام تجمعا للاشتراكيين في مدينة مانتسالا واحتجزوا المتواجدين فيه، بموازاة ذلك تحرك جمهور الحركة المسلح في العديد من المدن منها فاسا، صالو، بوري وسينايوكي ومدن أخرى، وقاموا بالاعتداء على بعض الشيوعيين وتحطيم مقراتهم. الحركة كانت تطالب باستقالة الحكومة واجراء تغيير شامل في المسار السياسي الذي كان في تلك الفترة بصدد فسح المجال لليسار لممارسة نشاطه السياسي بحرية اكبر، كانت الحركة تطالب بطرد الشيوعيين من المشاركة في الحياة السياسية. لكنها بعد ان أعلنت قناعاتها المتطرفة واستخدمت السلاح عزف عنها الشارع الفنلندي وعزلت الى حد كبير.

الأوضاع غير المستقرة استمر حتى الأسبوع الأول من اذار نفس العام حيث اذاع الرئيس سفينهود خطابا عبر الإذاعة دعا فيه للسيطرة على نشاط تلك الحركة التي قادها بالأساس الناشطان في الجمعيات الفلاحية “فيهتوري كوسولا”، و”فيهتوري هيرتوا”، إضافة الى مدير البنك “ليفاري كوفيستو”، ولاحقا انضم لهم قيادي سابق في رئاسة الأركان الفنلندية. الملفت ان احداث مانتسالا التي تقف ورائها تلك الحركة كانت سببا في تأسيس صحيفة “التا صانومات”، وذلك لان رئيس تحرير صحيفة هلسنكي صانومات “الياس ايركو” أراد ذراعا إعلاميا آخر يغطي الاحداث المتسارعة آنذاك والتي لم تكن تكفيها صحيفة تصدر صباح كل يوم فتاسست صحيفة أخرى مسائية باسم “التا صانومات”.

 

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى