سياسة

محاولة فنلندية اخرى لتخفيف التوتر بين كبار العالم  

 

من الذكاء السياسي بالنسبة للبلدان الواقعة في مناطق صراع النفوذ خصوصا المحاذية لاي معسكرين دوليين كبيرين يتصارعان بمختلف الأدوات.. من الذكاء السياسي ان تتحرك دبلوماسيا من اجل تخفيف التوتر او تحسين العلاقات بين مختلف الأطراف، وذلك لان أي تصعيد بين الكبار سوف ينعكس سلبا  على تلك البلدان نفسها لانها بمثابة حلقات اضعف في مسار المواجهة، ناهيك عن سعي تلك البلدان الصغيرة الى تحسين موقفها في الدبلوماسية الدولية وهذه ميزة أخرى مهمة.

في هذا الاطار يمكن قراءة دعوة الرئيس الفنلندي ساولي نينستو “في مقال نشره يوم 28 اذار 2021 بصحيفة هلسنكي صانومات” الى استعداد فنلندا لاستضافة قمة دولية بين الأطراف الدولية الكبرى بهدف تحسين العلاقات وتخفيف التوتر على غرار مبادرة اتفاقية هلسنكي عام 1975 التي تحولت لاحقا الى منظمة الامن والتعاون في أوروبا.

فنلندا تعلمت من أخطاء التاريخ جدا ولا تريد إعادة تجربتها المرة في النصف الأول للقرن العشرين، آنذاك تعاونت مع المانيا من اجل استعادة ما خسرته امام الاتحاد السوفيتي فتعرضت لهزيمة وعقوبات قاسية، ذلك الدرس دفعها الى تأسيس سياسة حياد عسكرية مميزة حتى وان بقيت هوية الدولة غربية، وذلك ما يسمح لها بهامش جيد من الحراك الدبلوماسي الموثوق من قبل الكبار.

بسلسلة من الخطوات استطاعت فنلندا تجنب مصير أوكرانيا التي يشابه موقعها المحاذي لروسيا موقع فنلندا ايضا لكن النتائج كانت تختلف، احدى أسباب تجنب ذلك المصير هو احتضان فنلندا لاربع قمم شهيرة بين روسيا وامريكا:

ـ لقاء الرئيس السوفيتي برجنيف والرئيس الامريكي فورد عام 1975.، اللقاء حضره أيضا عدد كبير من زعامات العالم.

ـ لقاء الرئيس الامريكي جورج الاب والرئيس الروسي غورباتشوف عام 1990.

لقاء الرئيس الامريكي بيل كلينتون والرئيس يلتسين عام 1997.

ـ اخر القمم عقدت بين بوتين وترامب صيف العام 2018.

ان دعوة الرئيس نينستو هذه المرة تشير بوضوح الى دور الصين المتنامي وضرورة الانفتاح عليه، انها اشبه بدعوة الى إعادة صياغة التفاهمات بين الكبار وفقا لاعراف واتفاقيات دولية جديدة لان التفاهمات السابقة لم تعد تفي بمستوى التحديات.

 

جمال الخرسان

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى