هل تستطيع فنلندا الاحتفاظ بعلاقة متوازنة بينها وبين أمريكا والصين في ظل الصراع على خدمة الجيل الخامس؟!
اجادت فنلندا موازنة العلاقات بينها وبين أمريكا وبقية بلدان المعسكر الغربي من جهة وبينها وبين روسيا من جهة ثانية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الان، فهل تستطيع فنلندا ان تجيد التوازن السياسي والاقتصادي بينها وبين الصين من جهة وبينها وبين أمريكا وبقية الحلفاء الغربيين من جهة أخرى. المعسكر الغربي شن حربا اقتصادية وسياسية على شركة هواوي الصينية لدوافع سياسية، امنية واقتصادية.. وذلك ما دفع الاتحاد الأوروبي وامريكا الى دعم شركتي نوكيا الفنلندية واريسكون السويدية في مسار تطوير خدمات الجيل الخامس. هذا الدعم يحظى بدعم امريكي اكبر، وهناك مقترحات يتم تداولها في أمريكا بضرورة شراء الشركتين الفنلندية والسويدية (تبلغ قيمتهما السوقية معا حوالي خمسين مليار يورو) او على الأقل شراء نسبة كبيرة من الأسهم تسمح لامريكا باتخاذ القرار في الشركتين.
ان لفنلندا عموما وللرؤساء الفنلنديين علاقات مميزة مع مختلف الأطراف الدولية ومنها الصين وامريكا.. لكن الصراع الاقتصادي والسياسي يدفع فنلندا باتجاهات مختلفة. الاندفاع باتجاه أمريكا يعكّر صفو مزاج العلاقات التجارية والسياسية المهمة مع الصين بالنسبة لفنلندا كبلد ونوكيا كشركة، ومن جهة أخرى فان فنلندا لا تريد التفريط بهويتها الغربية.. من هنا عليها تحاول فنلندا البحث عن مسارات اكثر اعتدالا في أجواء غير معتدلة.
في مناسبات سابقة كانت فنلندا تحت الضغط من اجل عدم استقبال بعض السجناء التابعين لاقلية الايغور حينما اريد اطلاق سراحهم من معسكر غوانتينامو… حيث طالبت الصين فنلندا بعدم استقبالهم تحت ذريعة ان الايغور يتعرضون للاضطهاد في بلادهم ذلك ما كشفت عنه وثائق ويكليكس التي تتعلق بمراسلات السفارة الامريكية في فنلندا عام 2009.
في سياق الحراك الدبلوماسي الفنلندي صرح الرئيس نينستو وهو احد اهم ركائز السياسة الخارجية للبلاد: العلاقات والنشاط الدبلوماسي شهد تغيرا واضحا خلال الفترة الأخيرة بالنسبة لفنلندا مع الأطراف الأخرى، حيث أصبحت خدمات الجيل الخامس لنوكيا، كاسحات الجليد وقوات حفظ السلام الفنلندية أوراقا مهمة في النشاط الدبلوماسي لفنلندا.
قد لا تستطيع فنلندا أداء الدور كاملا ولكنها معنية جدا بإيجاد مسارات دبلوماسية مرنة بين الكبار من اجل تخفيف اكبر قدر ممكن من الضغط السياسي والاقتصادي وربما الأمني المتولد نتيجة تشنج العلاقات بين مختلف القوى العظمى في العالم.. وقد فعلت ذلك سابقا مرات عديدة.
جمال الخرسان