السجال حول نافالني والامن القومي الفنلندي
السجال حول نافالني والامن القومي الفنلندي
منذ الاثنين الماضي الثامن عشر من كانون الثاني الجاري وحتى اليوم تتفاعل في وسائل الاعلام الفنلندية ردود الأفعال حول موقفي رئيس الجمهورية ورئيسة الوزراء صانا مارين فيما يخص اعتقال المعارض الروسي نافالني.
صانا مارين كان لها موقف اكثر تشددا تجاه روسيا وطالبت باطلاق سراح نافالني، فيما اتخذ رئيس الجمهورية موقفا اكثر هدوءا وتواصل مع بوتين من اجل اطلاق سراحه وابلغه موقف فنلندا وربما رسائل من حلفائه الأوروبيين. حينما سئلت صانا مارين عن الاختلاف بين الموقفين، اجابت بان هناك تنسيق مع رئيس الجمهورية، هذا الأخير رد بانه لم يكن هناك تنسيق مسبق بخصوص هذا الملف، ردت صانا مارين بان الحكومة تواصلت مع مكتب رئيس الجمهورية وهناك خطا في مرحلة ما في خطوة واضحة الى الخلف.
دستوريا فان السياسة الخارجية لفنلندا تدار من قبل الرئيس بالتنسيق مع الحكومة، فيما الشأن الداخلي بالعكس، إضافة للبعد القانوني فان العلاقة مع روسيا لها ضوابط عمل خاصة وعلاقة حرجة لا تتحمل الكثير من الانفعالات من هنا تدار بخطوات مدروسة مسبقا وهذا ما لم يكن في الموقف الأخير. ان القنوات المفتوحة الخاصة مع بوتين وبقية الزعماء الروس بالنسبة لبلد بهوية غربية مثل فنلندا تمثل قيمة دبلوماسية في العلاقات الدولية لا تريد ان تفرط بها فنلندا ناهيك عن ان الحفاظ على علاقة طيبة مع الدب الروسي من صميم الامن الاستراتيجي الفنلندي، وقد استضافت من اجل ذلك اربع قمم بين زعمار المعسكرين الشرقي والغربي.
ان صانا مارين أظهرت قدرة ممتازة في إدارة الازمات الداخلية ولها شخصية قوية ومؤثرة.. وهذا ما اثبتته في معالجة ازمة كورونا.. لكنها لم تصل لمرحلة النضج الكافي للتعامل مع ملف حساس مثل العلاقة مع روسيا، تلك مساحة فيها للعواطف والشعارات مساحة صغيرة جدا قد لا تقدرها بشكل جيد صانا مارين مقارنة مثلا بالحنكة التي يتحرك فيها نينستو. ان رئيس الجمهورية أراد زج نفسه في شأن داخلي ربيع العام 2020 واراد المشاركة بإدارة كورونا وتقاسم النجاح في هذا الجانب فاخطا الحسابات من جهة ولم يسمح له من جهة أخرى، وحينما ارادت صانا مارين ان تتحرك في مساحة لعب نينستو.. فقدت البوصلة بسهولة ولم يسمح لها كثيرا أيضا. ما حصل درس أعاد فنلندا للمسار التقليدي بالعلاقة مع روسيا رغم كل ما حصل بعد ازمة أوكرانيا عام 2014.
جمال الخرسان