حفلة عيد الاستقلال.. تقليد وطني ومحطة ترفيه للعائلة الفنلندية
من تقاليد العائلة الفنلندية ان تعد العدة مسبقا مساء يوم السادس من كانون الأول كل عام من اجل مشاهدة حفلة القصر الجمهوري التي تقام اعتزازا باستقلال فنلندا. ذلك التقليد والموروث الفنلندي بدأ منذ العام 1919 أي بعد عامين على استقلال البلاد عن روسيا في العام 1917. وقع الاختيار على ذلك التاريخ يوما للاحتفال لانه يصادف اليوم الذي صادق فيه البرلمان الفنلندي على اعلان استقلال فنلندا عن روسيا.
يتم التحضير للاحتفال بشكل جيد مسبقا، حيث يوجّه مكتب رئيس الجمهورية الدعوات الرسمية لحضور الاحتفال الى ابرز الشخصيات الفنلندية بشكل عام او تلك التي استطاعت تحقيق منجز ما، الضيوف استقدموا من مختلف المدن الفنلندية، ومن مختلف شرائح المجتمع الفنلندي، إضافة لذلك تتم دعوة رؤساء البعثات الدبلوماسية في هلسنكي للمشاركة في الاحتفال.
ابتداءا من العام 1967 يتم نقل ذلك الاحتفال المهيب على الهواء مباشرة حيث يحظى بمتابعة منقطعة النظير، إذ يصل عدد المشاهدات لمستويات قياسية غير مسبوقة بتاريخ فنلندا، تعتبر مشاهدة حفلة الاستقلال ثقافة للعائلة الفنلندية.
الاحتفال يستقطب الغالبية الساحقة من الفنلنديين وتستنفر له جميع وسائل الاعلام كامل طاقاتها، حيث تقوم برصد الحدث من زوايا مختلفة، الضيوف وطبيعة شخصياتهم ومنجزهم، اطلالة المدعوات وابرز الفساتين المعدة خصيصا للاحتفال، تسليط الضوء على سبب دعوة بعض الضيوف ومنجزهم، متابعة اخبار المشاهير عبر لقاءات تلفزيونية ومتابعات خاصة لمواقع الصحف. الاحتفال اشبه بفرصة لاستعادة الروح الوطنية والاعتزاز بالهوية الفنلندية التي حافظت على استقلالها بثمن باهض، الفنلنديون يوجهون الرسائل عبر ذلك الاحتفال في اتجاهات مختلفة، كتقليد فنلندي يجتمع رؤساء الوزراء في التقاط صورة تذكارية تعزز الديمقراطية في البلاد، في احدى الحفلات وصل عددهم الى سبعة رؤساء وزراء، كذلك من تقاليد الاحتفال ان يلتقط رؤساء الجمهورية صورة تذكارية وقد وصل العدد في بعض السنوات الى أربعة رؤساء جمهورية. الضيوف أيضا يوجهون رسائل عبر فساتينهم او من خلال تصريحات مباشرة لوسائل الاعلام، بعض المدعوات على سبيل المثال يقمن بإنجاز الفساتين من مخلفات النفايات التي يتم جمعها من البحر، الرسالة كانت ضرورة الحفاظ على البيئة، ضيفة أخرى شاركت بفستان انجزه لها طالبو لجوء، والهدف ضرورة التضامن معهم. اثناء الاحتفال وبعيد انتهاء الحفلة يتم تسليط الضوء على العديد من المواقف والرسائل الملفتة. أيضا فان بعض وسائل الاعلام تجري تصويتا على افضل اطلالة بين الرجال والنساء.
الاحتفال المهيب والخاص جدا لا يعني عدم توجيه الانتقادات للاحتفال، بعض الفنلنديين يعتقدون بانه وجه آخر للرفاهية المفرطة من أموال الشعب، وبهدف ذلك يتم تسيير العديد من مسيرات الاحتجاج الصغيرة هنا او هناك. اذ تقدر تكاليف الاحتفال بحوالي ربع مليون يورو وفقا للاحصائيات الرسمية.
بالمجمل العام ان الاحتفال يحظى بأهمية كبيرة، ومتابعة استثنائية واستعدادات خاصة من قبل الجهة المنظمة، ويتم التعامل معه من قبل الشعب الفنلندي ليس فقط من زاوية كونه حدثا سياسيا بل محطة ترفيهية لمتابعة المشاهير واطلالات سيدات المجتمع الفنلندي.
جمال الخرسان