إديت سودرغران اشهر شعراء فنلندا عالميا
ليس جديدا ان اشهر شعراء فنلندا على الصعيد العالمي هي الشاعرة إديت سودرغران “Edith Södergran” التي عرف عنها التمرد والثورة على القوالب الشعرية النمطية التي كانت سائدة آنذاك في الشعر الفنلندي واشعار بلدان الشمال. وليس غريبا ان تكون كذلك لانها نتاج خلطة ثقافية أدبية متنوعة بشكل استثنائي. اذ ان اديت سودرغران فنلندية من الأقلية السويدية، ولان ابوها كان يعمل ميكانيكيا في روسيا فهي ولدت في مدينة الادب الروسي سانت بطرس بورغ في الرابع من نيسان عام 1892، كانت المدينة آنذاك رابع اكبر مدينة في أوروبا بعد لندن، باريس وبرلين.
في عاصمة الثقافة الروسية أكملت الشاعرة تعليمها في المدرسة الألمانية.. وهذا ما دفعها لعشق الفيلسوف الألماني الشهير نيتشه والتاثر كثيرا بنزعاته المتمردة على الموروث، حاولت ان تستمثر تلك الثورة النيتشاوية لكن في مجال الشعر، وارادت أيضا عبر نصوصها الشعرية التمرد على الواقع المرتبك الذي كانت تعيشه أوروبا عموما ومنطقة شمال أوروبا بشكل خاص.
بعمر السادسة عشرة أصيبت اديت بالسل وحاولت معالجة ذلك المرض بشكل او باخر خوفا من مصير ابيها الذي تغلب عليه ذات المرض.. فذهبت عام 1911 الى سويسرا من اجل العلاج وبقيت هناك سنتان فكانت فرصة أخرى لصقل المواهب واضافة تجربة ثقافية وادبية جديدة . عادت الى فنلندا عام 1914.
لقد عايشت اديت فترات عصيبة جدا في فنلندا ومنطقة الشمال الأوروبي، اذ عاصرت فترة تشكل الهوية القومية الفنلندية وما رافق ذلك من عقبات، ثم ارهاصات الاستقلال الذي حصل عام 1917 تزامنا مع انتصار الثورة البلشفية وما احدثته من تحولات اجتماعية وسياسية كبرى، وصولا لتجربة الحرب الاهلية الفنلندية القاسية جدا عام 1918، بالتزامن مع تلك التطورات كانت الحرب العالمية الأولى (1914ـ 1918) تعبث بمصير البلدان والمدن الأوروبية واحدة تلو الأخرى. تلك الظروف القاسية المحيطة بها إضافة الى مرضها يدفعها لتقمص شخصية نيتشه المتمردة والمتحررة من القيود الاجتماعية والدينية، تلك الدوافع تظهرها في بعض الأحيان من خلال نصوصها بمظهر نرجسي جدا.
حرصت إديت سودرغران على مكافحة مرض السل لكنه تغلب عليها في نهاية المطاف كما تغلب على ابيها فيما سبق، وتوفيت في 24 حزيران 1923 وهي بعد لم تتجاوز الـ31 عاما. لكنها رغم صغر سنها تركت للموروث الشعري الفنلندي والعالمي خمس مجموعات شعرية ترجمت لاكثر من أربعين لغة عالمية بينها العربية. أنجزت مجموعتها الشعرية الأولى ديكر عام 1916، ثم قيثار كانون الأول 1918، ولاحقا مذبح الوردة 1919، ظلال الغد 1920 ثم الوطن المفقود 1925.
جمال الخرسان