فنلندا وجدلية التصنيف العالمي للسعادة
تزامنا مع يوم السعادة العالمي أصدرت الأمم المتحدة مؤشرها لتنصيف البلدان السعيدة حول العالم عام 2019 وجاءت فنلندا في المركز الأول للعام الثاني على التوالي فيما حلت الدنمارك ثانيا وايسلندا في المركز الثالث.
مؤشر السعادة العالمي تأتّى وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أصدرته في تموز عام 2011 والذي يدعو أعضاء الجمعية الى قياس مقدار سعادة البلدان، وبناءا على المؤشر يتم توجيه المشورة والمساعدة للبلدان التي تحتاج لمزيد من الدعم والمساعدة.
منذ العام 2013 تصدر الأمم المتحدة ذلك التصنيف الذي يشمل 150 دولة بشكل سنوي. ويتم اعداد التنصيف وفقا لمعايير مهمة عالميا منها: الحريات العامة، الضمان الاجتماعي، الشفافية ومحاربة الفساد، نصيب كل فرد من الناتج المحلي، مستوى التعليم، التنمية البشرية وعوامل أخرى مرتبطة بهذا النوع من المجالات. الجانب الفنلندي له كلمة مسموعة عالميا في العناوين التي تقدمت الإشارة لها. ان الفنلنديين قضوا مبكرا على مشكلة الامية وذلك منذ عام 1920 تثمينا لعامل التنمية البشرية والاعتماد عليه قبل كل شيء، وقبل ذلك كانت اول دولة في اوروبا تمنح المرأة حق التصويت والترشيح وذلك في عام 1907 والان يتم تسويق نموذج التعليم الفنلندي باعتباره احد افضل المنظومات التعليمية في العالم.
ان فنلندا حققت الكثير من المستويات المتقدمة للمجالات التي تؤثر إيجابا في تصنيفها، وهي دائما تاتي في المراكز المتقدمة وفقا لمختلف التصنيفات وليس تصنيف السعادة فقط، وتنافس بلدان لها مستوى مميز أيضا مثل بلدان الشمال، سويسرا وايسلندا وبلدان قليلة أخرى تتسابق فيما بينها لاحتلال المراكز الأولى في العديد من التصنيفات الدولية.
ان مؤشر السعادة لا يعني ان الشعب كله سعيد، كما لا يلغي وجود مشكلات كبيرة تؤثر سلبا على المجتمع لكن في معايير واضع التنصيف فان تلك المشكلات ناتجة عن عوامل جانبية وليست منهجية يمكن للدولة ان تؤثر فيها بشكل مباشر، على سبيل المثال هناك حالات اكتئاب بنسبة ليست قليلة في فنلندا، لكنها بالأساس ناتجة عن الإدمان على الكحول، الصدمات العاطفية وتاثير الأجواء والمناخ وهذه تفاصيل لا تستطيع الدولة التاثير فيها بشكل مباشر نعم تحاول معالجتها بشكل او باخر، المقصود من السعادة هنا هو توفير الحد الأدنى من ضمان سقف عيش مميز في دولة عادلة غير متفشي فيها الفساد الإداري ولا تقمع فيها حريات الصحافة وتتطلع دائما للتجديد والعمل من اجل مستقبل افضل.. وهذا ما تجيده فنلندا على المستوى المحلي وكذلك الدولي بشهادة الجميع.
جمال الخرسان