سياسة

قراءة في كتاب “فرسان الصليب المعقوف” عن الكتيبة الفنلندية في المنظمة النازية

 

 

صدر مؤخرا كتاب مهم للكاتب الفنلندي ليندر ساسنتروم “André Swanström” بعنوان “فرسان الصليب المعقوف” والذي يوثق لمرحلة زمنية استثنائية في تاريخ فنلندا والعالم، الكتاب يرصد بشكل دقيق كل ما يتعلق بالكتيبة العسكرية الفنلندية التي تشكلت من متطوعين فنلندين ذهبوا للانضمام الى منظمة “Waffen-SS” النازية، المنظمة كانت بمثابة الجناح العسكري للحركة النازية وعملت للفترة 1935ـ1945.

شكل العمود الفقري للمنظمة الضباط الالمان، ويقودها الجنرال الألماني الشهير “هاينريش هيملر”، المانيا استثمرت هذه المنظمة لتزجها في القتال بالحرب العالمية الثانية. بالإضافة الى الالمان والفنلنديين شارك في المنظمة متطوعون من 25 بلدا.

الكاتب حرص على ملاحقة مشاركة الفنلنديين في تلك المنظمة، الكتيبة الفنلندية بلغت حوالي 1400 متطوعا اغلبهم من الشباب اليميني، وهي استمرار للتعاون العسكري الذي بدا بين المانيا وفنلندا بين الأعوام 1915ـ1917 وكان الهدف منها اعداد قوة فنلندية مقاومة للاحتلال الروسي خصوصا بعد سياسة الترويس والإجراءات القاسية التي فرضها اخر القياصرة الروس.

الكتيبة الفنلندية في منظمة Waffen-SS وان تشكلت بشكل تطوعي لكنها كانت بضوء اخضر من قبل القيادة الفنلندية، هذه الأخيرة كانت تهدف من ذلك اعداد مقاتلين مدربين بشكل جيد بهدف مقاتلة الاتحاد السوفيتي، سيما وان الفنلنديين بدأوا التطوع في تلك المنظمة منذ العام 1941 أي بعد اندلاع حرب الاستمرار وحرب الشتاء التي تمثل صفحة من صفحات الحرب العالمية الثانية. كانت فنلندا بحاجة لاي دعم عسكري ضد الاتحاد السوفيتي وكانت المانيا اكثر الداعمين وحينما عرض على فنلندا تطوع فنلنديين في تلك المنظمة قبلت على مضض. لكن وفقا لما جاء في الكتاب فان هؤلاء المقاتلين تلقوا العقيدة السياسية الفاشية للمنظمة النازية، شاركوا بجرائم حرب مختلفة، حتى ان بعضهم حينما عاد الى فنلندا رفض المشاركة في حرب لابلاند التي اندلعت بين فنلندا والجنود الالمان المرابطين على أراضيها والتي استمرت من شهر أيلول 1944 حتى نيسان عام 1945. مما دفع قيادات الجيش الى المطالبة بمعاقبة هؤلاء.

يذكر الكاتب ان الالمان كانوا بداية يمتدحون الفنلنديين بمسمّى “ابطال الكاليفالا”، لكن بنفس الوقت كان الضباط الالمان يسيئون التعامل مع الفنلنديين وعرضوهم للاهانة والتنكيل في بعض الأحيان. بعد ان انتهت الحرب العالمية الثانية قامت الحكومة الفنلندية بتسريح الكتيبة الفنلندية وعاد افرادها الى العمل في الحياة المدنية.

الكتاب يمثل مراجعة مهمة لحقبة استثنائية من تاريخ هذه البلاد بشكل خاص وتاريخ منطقة البلطيق بشكل عام.

 

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى