حكومة سيبيلا تفلت مرة أخرى من شبح السقوط
المهندس، الطيار والتاجر يوها سيبيلا الذي دخل السياسة متاخرا مقارنة باقرانه يبدو انه يتقن استخدام ادواتها بشكل جيد، رئيس الوزراء الفنلندي جنّب حكومته السقوط رغم ان وزير الخارجية “المتطرف” تيمو سويني كاد ان يقودها الى الهاوية.
لقد قاد رئيس الوزراء حملة دعم استثنائية من اجل تحشيد الأصوات لتاييد تيمو سويني تحت قبة البرلمان الفنلندي في جلسة سحب الثقة عن الأخير والتي عقدت يوم 21 من شهر أيلول. على خلفية اتهامات وجهتها المعارضة لسويني بسبب مواقفه المضادة لحق المراة بالاجهاض. ان سيبيلا كان مجبرا على استخدام جميع ادواته لحماية سويني لان حزب “المستقبل الأزرق” الذي ينتمي له وزير الخارجية هدد بالانسحاب من الحكومة اذا ما اسقط سويني، وهذا يعني سقوط الحكومة لانها تمتلك اغلبية بسيطة في البرلمان وتتاثر بأي تغيير.
سيبلا سبق له انقاذ حكومته من سقوط شبه حتمي عام 2017 حينما حصلت ازمة في حزب الفنلنديين الحقيقيين بعد انتخاب المتطرف يوسي هالا آهو رئيسا للحزب في المؤتمر الحزبي، مما دفع سبيلا الى اعلان عدم التعاون مع القيادة الجديدة بسبب مواقفها العنصرية، وفيما كان سيبيلا ذاهبا بطائرته الى المقر الصيفي لرئيس الجمهورية في مدينة نانتالي (الواقعة اقصى جنوب غرب فنلندا) من اجل تقديم استقالته ابلغ ان انقساما حصل في حزب الفنلنديين الحقيقيين وان حوالي عشرين نائبا من الفنلنديين الحقيقيين اسسوا برفقة سويني حزبا جديدا باسم “المستقبل الأزرق” وان هذا الحزب سيستمر بالحكومة، ذلك دفعه للتراجع عن الاستقالة.
لكن الازمة الأخيرة تركت جدلا واسعا بين صفوف أحزاب الحكومة، التلويحات والتهديدات بالمراجعة فيما بين الأحزاب اظهر جدل الكواليس فيما بينها الى السطح، وبدى الكل ممتعضا مما حصل بشكل او بآخر. بعض النواب كشفوا لوسائل الاعلام انهم تعرضوا لضغوط كبيرة من قبل زعماء الأحزاب بهدف دعم وزير الخارجية، ولو تركت الأمور لقناعات النواب لكانت النتيجة مختلفة، رغم ذلك فقد تمرد بعض النواب على احزابهم وامتنعوا عن التصويت، خصوصا بعد ان اصرّ سويني على موقفه من الإجهاض ولم يعتذر عن استغلاله لمنصب وزير الخارجية من اجل تمرير قناعاته الشخصية، اذ شارك بمظاهرة نظمت في كندا ضد الإجهاض حينما كان في زيارة رسمية الى هناك. سويني حينما استضيف في البرلمان من اجل توضيح الموقف ختم حديثه بما يلي: “انا مسيحي كاثوليكي وقد عبّرت عن قناعتي الشخصية التي يكفلها القانون”.
علما ان منذ العام 1917 وحتى حكومة سيبيلا تشكلت في فنلندا 74 حكومة، قادها 44 شخص تسلموا منصب رئاسة الوزراء، فيما وصل عدد الوزراء الى 600 وزيرا. قبل الثمانينات كانت الحكومات الفنلندية تسقط بسرعة، لدرجة ان العقد السبعيني شهد تشكيل 11 حكومة. يعود آخر سقوط لحكومة فنلندية الى العام 1982، وكانت برئاسة كالفي سورسا عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي. نعم بعد ذلك استقال العديد من رؤساء الوزراء لكن لم تسقط حكوماتهم.
جمال الخرسان