جولة صحفية على الشركات المثيرة للاهتمام في مجال صناعة النسيج في فنلندا
في يوم صيفي جميل انطلقت الرحلة بالقطار من العاصمة الفنلندية “هلسنكي” الى مدينة “تامبيرا” التي تقع على مسافة 180 كم شمال غرب العاصمة.
تامبيرا مدينة صناعية فنلندية يطلق عليها الفنلنديون تسمية “مانشستر فنلندا” نتيجة لكثرة المصانع واليد العاملة فيها. ناهيك عن ان اول معامل النسيج في فنلندا تاسست بتلك المدينة في القرن التاسع عشر. الرحلة التي نظمت من قبل جمعية النسيج والموضة في فنلندا والتي تضم 3500 شركة ومشروع تجاري في هذا المجال دعت الصحفيين للقيام بجولة حول الشركات الفنلندية في مجال النسيج، لكن الجولة تستهدف بعض الشركات التي اثارت الانتباه في طريقة عملها، سرعة نموها وأيضا الاثارة التي رافقت نجاحاتها وهذا ما دعاني شخصيا للمشاركة في الرحلة فانا لست مختصا بتقلبات البورصة ولا لعبة الأسهم.
ان المشاريع الفنلندية يمثل نجاحها نجاحا مهما واستثنائيا لانها ملزمة بتوفير معايير مميزة جدا، ليس فقط في مجال الإدارة والالتزام الضريبي. بل أيضا عليها مراعاة ضوابط الحفاظ على البيئة واستخدام الطاقة النظيفة وهي تتعاون كثيرا في مجال تدوير النفايات من اجل الحد من التدهور البيئي للكوكب. ان نجاحها يعني تجاوزها للكثير من التحديات وأيضا التزامها بجملة من الضوابط الصارمة. وهذا ما يستدعي رصد تلك التجارب من زواية تتجاوز الرؤية التجارية البحتة.
المحطة الأولى كانت شركة ” Image Wear”، وهي اكبر شركات فنلندا في صناعة ملابس العمل، الشركة تنجز بدلات عمل في مختلف المجالات وفق المواصفات القياسية وكذلك المميزات التي يطلبها الزبون. شركة تمثل نجاح عائلة أسست ذلك المشروع منذ العام 1959. المقر الرئيسي للشركة في مدينة تامبيرا لكن مصنع الشركة يقع في استونيا نتيجة لتوفر اليد العاملة هناك بتكاليف اقل. ما لفت النظر في هذه الشركة هو الاطلاع عن كثب على بدلات العمال في المستقبل، وهي بدلات وازياء ذكية تتوفر فيها مواصفات مذهلة اطلع الوفد الصحفي على بعض نماذج تلك البدلات.
الشركة الثانية في الجولة كانت من نصيب شركة عائلية باسم “Agtuvi” لصناعة ملابس الأطفال وتستخدم الصوف والقطن ويعود تاسيسها للعام 1975. حينما سئل المؤسس “يوكّا بوسكالا” الذي كان باستقبال الوفد الصحفي عن دواعي واوليات تشكيل الشركة ذكر بان ابنه الصغير آنذاك كان يتحسس من الصوف، وبعض القطنيات لذلك بحث عن طريقة انتاج لملابس الصوف والقطن تأخذ بعين الاعتبار حساسيات الجلد وأيضا تمنح من يرتديها من الأطفال اريحية وتجنبه الازعاج. فانطلقت الفكرة وخطت الشركة خطواتها الثابتة حينها واستمرت بإدارة ذات العائلة حتى هذه اللحظة.
مسؤول الشركة في حديثه للصحفيين قال: يمكن للاخرين ان يستنسخوا بضاعتنا ولكنهم لن يستطيعوا استنساخ الثقافة والاسس التي رست عليها الشركة وهي سبب نجاحها. الشركة تقوم بالتصدير الى روسيا، النروج، ايسلندا كذلك جمهوريات البلطيق، أوكرانيا وبعض بلدان اسيا المركزية.
الشركة الثالثة “PAPU DESIGN” وهي من الشركات الفتية التي تاسست عام 2012 في مدينة نوكيا الواقعة ضواحي مدينة تامبيرا، لكنها نجحت بسرعة فائقة النظير، حيث خطت خطوات جبارة في عدة سنوات، لتكون من اشهر الشركات في مجال صناعة وتصميم ملابس الأطفال. الشركة عائلية اسستها مصممة الملابس “آنّا كوركيلا” التي تسكن في نفس المدينة، وبرفقة عائلتها أكملت خطواتها الواثقة بوقت قياسي.
حينما سالت المسؤول التنفيذي للشركة عما اذا كان لمدينة وتاريخ نوكيا تاثير في نجاح الشركة او علاقتها بالاخرين أجانب: نعم ان اسم نوكيا لازال يلقي بظلاله على الشركة، اذ يسالننا الاخرون عادة عن العلاقة بشركة نوكيا. وغالبا ما يكون المدخل للحديث مع بعض الشركات من اسم نوكيا ثم نتحول الى الملابس. المسؤول أضاف أيضا: طموح الشركة الكبير دفعها للمشاركات في اهم المعارض العالمية وعاما بعد عام تثبت نفسها بقوة. حضورنا السنوي يثبت اننا موجودون، في هذا المجال هناك مئات الشركات تدخل سنويا للعمل ولكنها تختفي بعد فترة قصيرة. مشاركتنا سنويا تعني اننا حاضرون. الشركة تقود ثورة في مجال تصاميم والوان ملابس الأطفال وقد نجحت الى حد ما في ذلك حتى الان.
رابع المحطات كان شركة تاسست من مشروع لطالبتين في احدى معاهد الدراسة بالمدينة، الصديقتان “هانّا فيركا ماكي” و”ميريا فانتايا” تداولتا فكرة المشروع، درسا الفكرة بشكل جيد واقدما على خطوة التاسيس عام 2012، باسم “UHANA DESIGN” ويوما بعد آخر تقدمت الشركة ونمت حتى اصبح لها تعاون مع مصانع في البرتغال ومصممين في إيطاليا ومناطق أخرى. الشركة مميزة جدا في استثمار الخشب لصنع اكسسوارات نسائية.
ختام الجولة كانت جلسة مع أصحاب المشاريع المختلفة في مجال النسيج بمدينة تامبيرا لتبادل اطراف الحديث معهم حول اهم تحولات هذا القطاع. قطاع النسيج في فنلندا له تعامل خاص مع تركيا ومصر.
جمال الخرسان