مائة عام على جسر قرية “Alvettula”.. احد الشواهد الحية على الحرب الاهلية
في احيان كثيرة تستوقفني قصص المباني والمرافق العمرانية، الاهتمام بها لم يكن متأتيا فقط من دواع الاهتمام بجماليات الهندسة وفنون البناء بل اضافة الى ذلك لأنها شاهد على مرور عدد هائل من الحوادث التاريخية المهمة سلبا وايجابا، وكلما تتبعت قصة مبنى او مرفقا عمرانيا هنا او هناك وجدتها لصيقة بأحداث مثيرة للاهتمام، تتجاوز اهميتها اهمية ذلك الملمح العمراني المشيّد نفسه.
في ذات الصدد اتوقف هذه المرة مع جسر “Alvettula” القديم والذي احتفل الفنلنديون يوم 10 آب عام 2016 بمناسبة مرور مائة عام على دخوله للخدمة. الجسر الذي يبلغ طوله 70 مترا وعرضه حوالي 5 امتار صمم من قبل المصمم Väinö Wuolio واكتملت جميع مراحل تشييده في 10 آب عام 1916. سمّي الجسر باسم القرية التي بني فيها وهي احدى قرى مدينة هاميلينّا الواقعة جنوب فنلندا.
مما يستحق تسليط الضوء عليه حول تاريخ ذلك الجسر ما حصل في الحرب الاهلية الفنلندية أواخر نيسان عام 1918، فحينما خسر “الحمر” المدعومين من روسيا مدينة تامبيرا بدأوا بالانسحاب باتجاه الشرق، وكان الطريق المعتاد حينها يمر عبر مدينة “هامينلينا”، لكن المدينة آنذاك كانت تحت سيطرة الجنود الالمان الذين قدموا الى جنوب فنلندا من اجل دعم “البيض”، لذلك تم اختيار طريق قرية “Alvettula”، ويمر هذا الطريق على جسر Alvettula، في ذلك الجسر نشبت معركة شرسة بين طرفي الحرب الاهلية.
في جنبة من الجسر تمترس حوالي 120 جنديا من البيض، وفي الجنبة الاخرى بضعة آلاف من الحمر، خاض الجانبان احدى فصول الحرب الاهلية على ذلك الجسر، وفي نهاية المطاف حسم الحمر المعركة وعبروا الجسر. ليكون ذلك الجسر شاهدا على صفحة دموية من صفحات الحرب الاهلية الفنلندية.
كان الجسر عصيا على الزوال، حيث حاول الحمر نسف الجسر بعد ان عبروا منه املا في اعاقة اي قوة تلاحقهم، ولكنهم فشلوا في ذلك. وفي العام 1978 قررت السلطات الغاء الجسر وهدمه، لكن جماعات الضغط رفضت ذلك بشدة واجبرت الدولة على انجاز جسرا اخر، اضافة الى ذلك تم ترميم الجسر القديم.
الجسر اخذ صفة “الجسر المتحف” باعتباره موروثا تاريخيا للمنطقة ولتاريخ فنلندا، ويخضع لقانون حماية المباني الفنلندي.
جمال الخرسان
الصورة عن وسائل الاعلام الفنلندية