منوعات

 “تورنيو” و”هابارانتا” مدينتان شطرهما التاريخ بين دولتين ووحدهم الحاضر

السكان فيهما يتجولون بلا حواجز حدودية والمشاريع الاقتصادية بينهما مشتركة

 

 

 

تشّكل مدينة تورنيو “Tornio” الواقعة في شمال غرب فنلندا والتي يعود تأسيسها الى مرسوم ملكي صدر من قبل الملك السويدي “غوستاف الثاني” عام 1621 فترة الاحتلال السويدي للبلاد تشكّل الى جنب مدينة ” Haaparanta” السويدية ثقافيا وتاريخيا مدينة واحدة انقسمت الى شطرين في صفحة من صفحات صراع روسيا القيصرية والمملكة السويدية على فنلندا.

من خلال الحديث مع سكان المدينتين يلاحظ انهم يعتبرون انفسهم كتلة بشرية واحدة، التعاون بين الدولتين وبين المدينتين جعل كلا منهما تنجز مشاريعها الاقتصادية لصالح المدينتين معا، وتأخذ كل منهما بعين الاعتبار الحسابات الاقتصادية في ذلك. بنى الفنلنديون في الجزء الفنلندي مجمّعا تجاريا كبيرا واخذوا بعين الاعتبار زبائن المدينتين، وفي المقابل بنى السويديون سوق “ايكيا” المعروف بمنتجات الاثاث المنزلي واخذوا بعين الاعتبار ايضا سكان المدينتين.

المعابر الحدودية بين فنلندا والسويد في مينة تورنيو مفتوحة ولا يشعرك بفارق الدولتين سوى علامة تحمل لوحة فيها شعار الدولتين تشير للحدود، حينما زرت تلك المدينة اكملت وجبة الغداء في الجزء الفنلندي وشربت القهوة في الجزء السويدي! وهكذا يفعل كثيرون.

لدواع اقتصادية ولمزيد من الترابط تم بناء محطة الحافلات في النقطة الحدودية بين المدينتين لتكون محطة حافلات مشتركة لكل منهما. المحطة تضم الى جنبها مركزا سياحيا لتقديم المعلومات اللازمة للسائح. هذه المحاولات تأتي لتلافي بعض اسقاطات التاريخ. تاريخيا كانت اجزاء كثيرة من المناطق الواقعة بين روسيا والسويد (فنلندا الحالية) محل نزاع بين الدولتين، وبعد جولات من الحروب عقدت اتفاقية “هامينا” عام 1809 التي استطاعت من خلالها روسيا ان تضم اجزاءا مهمة من الاراضي التي كانت تحت سيطرة السويد علما ان فنلندا آنذاك تحت الاحتلال السويدي.

الاتفاقية التي استبدلت الاحتلال السويدي لفنلندا باحتلال روسي نصّت على ان تكون تورنيو جزءا من الدوقية الفنلندية، وتركت للسويد قرية صغيرة كبرت بعد ذلك وتحولت الى مدينة هابارانتا.

 

اشهر مباني المدينة كنيستها التي يعود بناؤها الى العام 1686، الكنيسة التي صمّمها المعماري “ماتي هارما” انيقة البناء وجميلة المظهر بنيت بطريقة هندسية ملفتة، يؤكد المعنيون بتاريخ المدينة ان عضو الأكاديمية الفرنسية “بيير لويس موبيرتيو” كان يستخدم الكنيسة في حساباته العلمية حينما زار المدينة من اجل التثبت بأن العالم مسطح نحو القطبين.

سمّيت المدينة بهذا الاسم نتيجة لمرور نهر تورنيو فيها. النهر الجميل اضاف سحرا والقا للمدينة الصغيرة. منذ خريف صيف العام 2015 ارتبط اسم هذه المدينة بموجات الهجرة للاجئين القادمين من الشرق الاوسط وخصوصا من العراق وسوريا، حيث كانت تورنيو اكثر المداخل الفنلندية المفضّلة بالنسبة للاجئين القادمين عبر السويد.

موقعها على الحدود مع السويد جعل منها مدينة اقتصادية وسياحية بامتياز، وفيها ايضا جملة من المشاريع الكبرى منها على سبيل المثال شركة “Outokumpu” للفولاذ المقاوم للصدأ، الشركة شهيرة في مجالها وكانت في فترة من الفترات تصدر منتجاتها لبلدان عربية بينها العراق.

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى