الرحلة الى “اوتسيوكي” تشعرك بمتعة السفر ونشوة المغامرة

لا يقصدها السيّاح فقط لأنها مدينة تقع على ضفاف نهر “التينو” اشهر الانهار المعروفة بصيد اسماك السلمون والممتد بين شمالي النروج وفنلندا حوالي 250 كم، وليس فقط لان طبيعتها جميلة وساحرة، حيث تسترخي بهدوء في منطقة جبلية، ولا يقصدها السياح ايضا لان فيها جسر السامة “اللابيون” وهو الجسر الرابط بين فنلندا والنروج والذي تقف علامة حدودية صغيرة في منتصف الجسر فوق نهر التينو تشير الى الحد الفاصل بين الجانبين دون ان تمنع حركة السير جيئة وذهابا، ولا يعتز بها اهلها فقط لأنها محطة مهمة جدا في مشاهدة الشفق القطبي “اوروا” حيث الامواج المتموجة القادمة من الفضاء تتراقص باستعراض مناخي جميل في معظم ايام الشتاء، ولا يعتز بها اهلها ايضا فقط لأنها احدى الوجهات السياحية في الشتاء، والتزلج على الجليد، او قيادة الدراجات الثلجية الممتعة، او حتى في الصيف حينما تنتشر فيها الاكواخ الصيفية على ضفاف البحيرات والانهار. بل اضافة لجميع ما تقدم يعتز سكان مدينة اوتسيوكي “Utsjoki” ويقصدها السياح من كل مكان لأنها اقصى مدن الاتحاد الاوروبي شمالا. في علاماتها الحدودية باتجاه النروج وضعت لوحات تؤكد ذلك بوضوح.

اوتسيوكي مدينة فنلندية تقع في اقصى شمال البلاد وهي بالنهاية ايضا اقصى شمال مدن الاتحاد الاوروبي، سكانها الاصليون من قومية “السامه”. ويعتبر اللابيون او السامه اقلية فنلندية تعيش في اقليم لابي شمال فنلندا، يقدر عددهم بستة آلاف شخصا وهم جزء من اقلية موزعة على فنلندا، النروج، السويد وروسيا. ويعتقد بعضهم انهم اقدم الشعوب في منطقة شمال اوروبا. في بدايات القرن العشرين تعرضوا لاضطهاد، لكنهم لاحقا حظوا بكامل حقوقهم وهناك فقرات في الدستور الفنلندي تحمي الكثير مما يتعلق بحقوقهم. السامة يشتهرون بتربية غزلان الرنّة ولذلك تشاهد الرنّة في كل مكان، واحيانا يمكن مشاهدة تلك الحيوانات على الطرق السريعة ايضا.

ورغم ان مساحة المدينة تصل لحوالي 5372 كم مربعا الا ان عدد سكانها لا يتجاوزون 1250 نسمة. وتبعد عن هلسنكي حوالي 1300 كم. اوتسيوكي كعادة مدن الشمال قليلة السكان لان مناخها مختلف تماما بين الصيف والشتاء، ففي فصل الصيف لا تغرب عنها الشمس لأكثر من شهرين وفي فصل الشتاء لا تشرق فيها الشمس لأكثر من شهرين ايضا! شتاؤها شديد القسوة حيث تصل فيه درجات الحرارة احيانا الى اقل من 40 درجة مئوية.

من ابرز معالم المدينة قرية نوركام “Nuorgam” التي تقع على بعد 45 كم شمال المدينة وهي اقصى نقطة حدودية لفنلندا وللاتحاد الاوروبي شمالا. وتبعد عن المنجمد الشمالي حوالي 30 كم. من تلك القرية يمكن الذهاب في جولة سريعة الى شمال النروج ومشاهدة بحر “بارنتس” الذي يعتبر جزءا من المحيط المتجمد الشمالي. على غرار تلك الرحلة تنظّم بعض الشركات السياحية رحلات جماعية مع مرشد سيحي مع جولة بحرية في المحيط المتجمد الشمالي.

من اشهر معالم القرية مركز سياحي يستقطب السياح على مدار العام ويتوفر فيه امكانيات تناسب السياحة في الصيف والشتاء. القائمون على ذلك المنتجع السياحي حريصون على التعامل مع القادمين بود وظرافة ملفتة. ان الرحلة الى هناك تشعرك بمتعة السفر ونشوة المغامرة بنفس الوقت.

جمال الخرسان