التشكيلية “هيلتونن” من نيويورك الى جدّه، ثم طهران
بأكثر من ستمائة عمودا مجوفا انيقا ملتصقا بطريقة حرفية جدا ينتصب في مكان ملفت من حديقة الموسيقار سيبيليوس وسط العاصمة الفنلندية هلسنكي ابرز اعمال الفنانة التشكيلية والبروفيسورة الفنلندية الفذة Eila Hiltunen. العمل الفني الذي انجز في الستينات من القرن الماضي تخليدا للموسيقار الفنلندي جان سيبليوس لا يمكنه ان يغطّي على عشرات الاعمال الثمينة لهيلتونن والتي توزعت على اهم مدن العالم من اقصى العالم الى اقصاه. ولدت هيلتونن عام 1922 في مدينة صورتا التابعة حاليا لروسيا والتي كانت قبل الحرب العالمية الثانية جزءا من فنلندا. بسبب الحرب ولان عائلتها تعمل في التجارة انتقلت الى العمق الفنلندي، اكملت دراستها في الاكاديمية الفنلندية للفنون الجميلة منتصف الاربعينات. تلك الفترة كانت انطلاقة حقيقية لهيلتونن حيث ساهمت حينها في العديد من الفعاليات الفنية داخل وخارج فنلندا. شيئا فشيئا وجدت نفسها وشخصيتها الفنية وانتهجت اسلوبا خاص بها وبذلك اصبحت مشهورة على المستوى العالمي. شاركت بجملة من اعمالها في معارض شخصية وجماعية اقيمت في فنلندا وخارجها، وانجزت لكبريات مدن العالم تماثيل واعمال ساحرة. اعمالها لازالت شاخصة في مونتريال الكندية، نيويورك الامريكية، برلين الالمانية، روما الايطالية وغيرها من اشهر المدن في العالم. في الشرق الاوسط تركت هيلتونن جملة من الاعمال من ابرزها تمثال “حقول الشمس” في مدينة جدة السعودية والذي انجز مطلع الثمانينات. وكذلك ايضا في العاصمة الايرانية طهران انجزت عام 1975 تمثال “سعفة النخيل” او كما يعرف بإيران باسم “النخلة الذهبية” في حديقة الامة، العمل الاخير اعيد تاهيله بالتنسيق بين فنلندا وايران بعد مرور اربعين عاما على تشييده.
قبل ان تتوفى هيلتونن في تشرين الاول عام 2003 في هلسنكي اغنت الذاكرة الانسانية بجملة من الاعمال والتماثيل الفنية الرائعة، واثرت الذائقة الفنلندية بسيل من الرؤى التجديدية على الصعيد الفني. المنتج الابداعي للفنانة والبروفيسورة هيلتونن جعلها تحصد عشرات الجوائز المحلية والدولية. ميداليات واوسمة من فنلندا، ايطاليا وفرنسا وغيرها من بلدان العالم.
جمال الخرسان