جان سيبيليوس موسيقار بمذاق وطني
حاملا ارهاصات الملحمة الفنلندية الاشهر “كاليفالا” التي تمثل الركيزة الاساسية للهوية الثقافية والوطنية الفنلندية تجول الموسيقي الفنلندي جان سيبيليوس في العديد البلدان فذهب الى المانيا، بريطانيا، فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وغيرها ليعود بعدها وقد وضع لمسته الموسيقية المبدعة في اكثر من سمفونية ذات هوية وطنية فنلندية.
ذلك المزيج الابداعي بين الفن الموسيقي وبين الهوية الوطنية الفنلندية التي تكاد تصنع لنفسها حيزا خاصة بين شعوب شمال اوروبا هو الذي جعل من سيبيليوس ايقونة ورمزا فنلندا وطنيا اكثر من كونه مبدعا موسيقيا. وهذا ما دفع الفنلنديين الى تخليد سيبيليوس بأساليب ولمسات ابداعية متنوعة، فقد أسست عام 1939 اكاديمية موسيقية باسم اكاديمية سيبيليوس في العاصمة هلسنكي ولها اذرع في مدن اخرى من العالم منها ابو ظبي، ووضع نصب موسيقي شهير وسط العاصمة عن سيبيليوس، عام 2015 وتزامنا مع مرور 150 عاما على ولادته حيث ولد عام 1865 في مدينة هاميلينّا جنوب فنلندا، اقيمت مئات الفعاليات الموسيقية والثقافية على شرف ذلك الفنان.
لقد وضع جان سيبيليوس سبعة سيمفونيات واعمال موسيقية اخرى ارتكزت في الكثير من مفاصلها على تفاصيل واناشيد جاءت في ملحمة كاليفالا الشهيرة، وهذا ما منح السمفونيات اهمية خاصة عن غيرها خصوصا وان بروز سيبيليوس كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهو ذروة واوج بحث الفنلنديين عن صيرورتهم الثقافية التي كادت تذوب بين الاحتلالات روسيا القيصرية وبين المملكة السويدية، تلك الفترة افرزت اعمال ادبية فنلندية شعرية وروائية غزيرة جدا.
في العام 1885 دخل سيبيليوس الجامعة من اجل دراسة القانون ولكنه لم يقاوم ولعه الموسيقي فترك القانون لصالح لغة الارواح وكرس حياته لهذا المجال. ومع انه تعلم منذ طفوته العزف على الة الكمان والبيانو فانه ايضا واصل دراسته الموسيقية في مدرسة الموسيقى بهلسنكي للفترة 1886-1889.
ورغم وجود تواصل لا بأس به بين العالم العربي وبين معظم البلدان الاوروبية الا ان مبدعي شمال اوروبا وخصوصا شبه جزيرة اسكندنافيا التي تنتمى لها فنلندا جغرافيا على الاقل، ليسوا من الاسماء المألوفة جدا بالنسبة للمتابع العربي، وهذا هو حال جان سيبيليوس حتى لو كانت اكاديمية سيبيليوس نشطة جدا في اقامة العديد من الحفلات الموسيقية في عواصم عربية مختلفة، بل اكثر من ذلك فإن بعض الافلام المصرية استعانت في مجال الموسيقى التصويرية بشيء من ابداعات سيبيليوس.
جمال الخرسان