ثقافة وفن

ادب الاطفال وثلاثة حكايات من فنلندا

 

من ادب الاطفال الشيّق جدا في منطقة شمال اوروبا لابد من وقفة مع ثلاث حكايات من الادب الفنلندي جئن في سياق مسلسل “حكايات عالمية” التي انتج في سبعينات القرن الماضي وعرض في العالم العربي عقدي الثمانينات والتسعينات، وهو من المسلسلات الكارتونية المتابعة جدا من قبل الاطفال وحتى الكبار احيانا لما فيه من التنوع الثقافي والادبي الكبير. حيث عرضت فيه قصص من اقصى الكرة الارضية الى اقصاها في سلسلة حلقات تجاوزت 150 حلقة.

الحكاية الاولى قصة تتحدث عن خرافة المارد الثلجي، الخيال القصصي للموروث الفنلندي الذي يعيش في بيئة قطبية اخترع هذه الخرافة الهادفة لتسلية الاطفال اولا وثانيا لتمرير هدف تربوي في اسلوب ترفيهي جميل، فالمارد الثلجي المعزول عن العالم وبتحريض من الاقزام الشريرة دمّر كل شيء يقف في طريقه حتى صادف احد الاطفال الذي حاول مناداة الوجه الاخر في المارد، كسب ود الاخير وحثه على اصلاح جميع اخطائه ليكون صديقا حميما للإنسان والطبيعة، الخرافة تنتهي بذوبان المارد بعد طلوع الشمس.

الحكاية الثانية تستوقف مهرجان الانقلاب الصيفي، وهو من الاعياد المرتبطة بالبيئة والمناخ القطبي لفنلندا وبقية بلدان شمال القارة الاوروبية، فالليالي البيضاء في شمال اوروبا تدفع الناس الى الاحتفال مع العائلة طوال الليل. ورغم ان اطول ايام السنة يصادف الحادي والعشرين من حزيران، لكن جرت العادة في الفترات المتأخرة ان يحتفى بهذا العيد في اقرب سبت يصادف بين التاسع عشر والسادس والعشرين من حزيران. تتوقف القصة مع تفاصيل الاحتفالات بأطول ايام السنة، جزء من تلك الاحتفالات اشعال نار في مكان مرتفع اكراما للشمس وتعود جذور التقليد الى عصور ما قبل المسيحية، في ختام القصة يهبط ملاكان من الشمس من اجل تحية طفلين قاما بمساعدة الاخرين وعمل الخير.

الحكاية الثالثة قصة حبات المطر، وهي تتطرق للخرافات والاساطير الوثنية في شمال اوروبا، في يوم مطر اراد طفل ان يلعب فمنعته الامطار من ممارسة ذلك، سأل الطفل عجوزا عن الغيوم فأجابه ان ذلك من اختصاص إله الرعد والغيوم أوكّو “Ukko” وفجأة وحينما يحاول الطفل عبثا تبخير مياه المطر دخلت الى غرفته حبات المطر ووعدنه بتحقيق ما يطلب من امنية، طلب الطفل الذهاب الى اله المطر فتحقق حلمه، وصل الطفل الى أوكّو وطلب منه ان يكون يوم الغد يوما جميلا من اجل ان يذهب الطفل الى الجزيرة برفقة ابيه، فاستجاب له أوكّو ولكنه طلب من الطفل المساعدة في تكثيف الغيوم السوداء ليكون هناك مطرا غزيرا ثم تصحو السماء، الطفل يساعد إله الغيوم بإعداد قوس قزح.

اختزلت هذه القصص البسيطة الثلاث شيئا من الميثولوجيا الشمالية الثرية وقدمتها في قالب طفولي مثير رغم قدم المؤثرات الفنية التي تساهم في تنضيج القصة وتسويقها بأسلوب مثالي. من تابع تلك السلسلة يشاهد فيها قصصا مثيرة اخرى من بقية شعوب الارض مع غزارة واضحة للأدب الفرنسي، الالماني والدنماركي. في هذه السلسلة وفي غيرها يتميز أدب الاطفال في شمال اوروبا من حيث الكمية والنوعية في آن واحد، كأنها قصص وحكايات تقطر سحرا وجمالا كما هو حال الطبيعة الساحرة التي افرزتها.

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى