بلورات الثلج
لمن عايش الثلج شتاءات طويلة يلامس اكثر من غيره ما يمثله الثلج من قيمة رومانسية عالية، يعرف تماما سرّ تعلق الكثيرين بهذه البلورات الصغيرة الرقيقة التي تتحول الى مجرد اكوام من الثلج حينما تسقط على الارض، رغم قسوة وصعوبة الحياة بسبب الثلوج.
صفاء ونقاء ابيض يضفيه الثلج على أي بقعة يسقط، متعة من نوع آخر مع تلك الاشكال الهندسية المختلفة لبلورات الثلج الصافية الجميلة، ان لم يصاحب سقوطها عواصف بهدوء مفرط تهبط بلورات الثلج الشجيرية، وباسترخاء تام تستقر على اقرب جسم تلاقيه في سطح الارض، ما ان تمسك بها حتى تذوب بين اصابعك، لكن بلورات الثلج المليونية على هوانها قد تتراكم بين يوم وليلة وتتحول الى مرتفعات بيضاء، تتصلّب لتكون اشبه بكتلة صخرية قاسية.
وبفعل البرودة ومتغيرات الطقس قد تتحول بلورات الثلج الرقيقة والهشة الى أشكال هندسية جميلة وانيقة جدا كما هو الحال مثلا مع ورود الثلج ويمكن ايضا ان تتحول الى اعمدة ثلجية حادة جدا، متوجهة في اغلب الاحيان الى الاسفل، يكفي سقوطها لقتل انسان! من تلك البلورات الرقيقة الهشة حينما تتماسك بإحكام ايضا تصنع المنحوتات الجليدية، والغريب انها تقطّع وتصقل بالمنشار وبقية الآلات الحادة! وفي هذا السياق عادة ما تنظّم مهرجانات ومسابقات عالمية للمنحوتات الجليدية. من البلورات الثلجية ايضا تقام في العديد من بلدان الدائرة القطبية مدن وقلاع سياحية تشيد فترة الشتاء من اجل استقبال السياح وتستمر لعدة اشهر.
الادباء لهم إلتقاطاتهم الخاصة عن تلك البلورات الصغيرة البيضاء، طالما ربطوا بينها وبين النقاء، الطهارة والامل، فتساقط الثلوج يبعث على تجدد الحياة ويدعو للأمل، انه بشير من بشائر الخير. وعلى شرف الثلج وبلوراته المتكسرة انجزت الكثير من الاعمال الادبية، من الادب الالماني يعرف الجميع قصة “بياض الثلج والاقزام السبعة” للأخوين “غريم”، رواية “الثلج الاسود” للكاتب الاردني محمد عمر ازوقه، وهناك روايات كثيرة عن الثلج والثلج الاسود في بلدان شمال اوروبا، كذلك مسرحية “رجل الثلج” للشاعر السوري أيمن أبو شعر، وعشرات الاعمال الادبية التي تدور بشكل او بآخر حول الثلج.
ورغم قلة المقطوعات والقصائد الشعرية في العالم العربي عن الثلج وعالمه الشيّق، ربما نتيجة لطبيعة البيئة التي يعيشها العربي، الا ان هناك من اهتم بهذا بموضوع الثلج وافرز له حيزا خاصا كما هو الحال مع الشاعر السوري فواز حجو وقصيدة الشهيرة “الثلج” والتي مما جاء فيها:
“هذا هو الثلجُ من عليائِهِ نَزَلا * لولا تَوَاضُعُ هذا الثلج ما هطلاَ
وها هي الأرضُ في أبهى مفاتنها* تزيّنتْ كعروسٍ وارتدتْ حُللاَ”.
جمال الخرسان