ثقافة وفن

اشهر معماري فنلندا  “آلفار آلتو”.. زار العراق في الخمسينيات والتقلبات السياسية حالت دون مشاريعه

 

 

 

 

 

ذاع صيته في الثلاثيات من القرن الماضي كمصمم للمصابيح وللأقداح الزهرية المميزة، ثم شيئا فشيئا ولج عالم التصميم المعماري ونجح فيه الى حد كبير، حتى اصبح احد ابرز وجوه شمال القارة الاوروبية معماريا في القرن العشرين انه الفنلندي آلفار آلتو “Alvar Aalto”.

 

آلتو في فنلندا وخارجها

 

لهذا الاخير بصمة معمارية في فنلندا وخارجها، من تصميمه على سبيل المثال: بيت الأوبرا في مدينة أشن الالمانية، القصر الثقافي في مدينة فولفسبورغ الالمانية، عام 1939 شيد الجناح الفنلندي المميز في معرض نيويورك الدولي، مكتبة فيبيري في الاتحاد السوفيتي عام 1935، كذلك كنيسة المركز الرعوي في مدينة ريولا في ايطاليا عام 1968، متحف الفن الحديث في ألبورغ الدنماركية اضافة على عشرات المشاريع العمرانية الفذة في بلدان اخرى.

على الصعيد المحلي لآلتو سلسلة طويلة من المشاريع في معظم المدن الفنلندية لازالت تمثل صروحا معمارية يشار لها بالبنان، له “مبنى الصحف” في مدينة توركو الواقعة اقصى جنوب غرب فنلندا. مبنى جامعة يوفاسولا، مبنى الثقافة في هلسنكي، لكن ابرز اعماله في فنلندا على الاطلاق هو التحفة المعمارية قصر فنلانديا “Finlandiatalo” الشامخ وسط هلسنكي، ذلك القصر المتوهج بياضا صيفا وشتاء لها وله اطلالة انيقة جدا على احدى البحيرات خصص لإقامة المؤتمرات والاحداث الثقافية والفنية المهمة، صممه آلتو عام 1962، بوشر في عملية البناء منذ العام 1967 وانجز عام 1971.

 

آلتو والعراق

 

آلتو المولود في الثالث من شباط عام1898  في مدينة “كوورتانه” غرب فنلندا، كان يفترض ان تكون له في بغداد لمسة معمارية رائعة لولا مضاعفات السياسة في العراق والتي حصلت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي حيث حالت دون ذلك.

القصة تعود الى العام 1955 حينما امر الملك فيصل الثاني ومن خلال “مجلس الاعمار” بتحديث بغداد وتقرر تشييد جملة من المباني ذات الطراز الرفيع في العاصمة لأغراض مختلفة، ولهذا تقرر استدعاء كوكبة من المعماريين العالميين الى بغداد ومنهم الفار التو، وبناءا على تلك الدعوة اوكل للمصمم فرانك لويد رايت تصميم مجمع يضم مسرحا ودارا للأوبرا، كما تكفّل الفرنسي شارل إدوارد جانوريه غري  المعروف “لوكوربوزييه” بتصميم مدينة رياضية، الإيطالي جيو بونتي صمم مبنى وزارة التخطيط، ومن بين تلك الكوكبة كانت حصة الفار التو تصميم مبنيين، الاول متحف للفنون الحديثة اما الثاني فهو مكتب البريد المركزي. وقام الاخير بزيارة بغداد اكثر من مرة منها زيارته في نهاية تموز عام 1957 من اجل شرح كافية تفاصيل التصاميم التي انجزها. ومن اجل الحصول على تفاصيل اكثر فيما يتعلق بتصاميم التو في بغداد تواصلت مع متحف الفار التو الواقع في مدينة يوفاسكولا الفنلندية وحصلت من المتحف على تفاصيل التصاميم الاولية الاولية للمبنيين.

مبنى متحف الفنون الحديثة

صمّم التو مبنى متحف الفنون الجميلة في بغداد بما يتناسب مع التقاليد المحلية والاجواء العراقية، المبنى تكون من ثلاث طوابق، مع جدران خارجية محكمة مكسوة بحجارة زرقاء داكنة من السيراميك، الجدران الخارجية مدعمة باوتاد متوّجة على الطراز الروماني، السمة الرئيسية للطابق العلوي هي حديقة كبيرة فوق السطح مغطاة بالكامل وياخذ التسقيف شكلا فنيا مميزا، اضافة الى مقهى مسيج بمساحات خضراء اضافة لمجموعة من التماثيل، كما صمم السقف بحيث ينعكس ضوء الشمس بشكل طبيعي على المعارض الفنية في الطابق الرئيسي. اما الطابق الرئيسي فيضم خمسة معارض فنية، اضافة الى قاعة للمحاضرات ومكتبة ايضا.

 

مبنى البريد المركزي

يتكون مبنى البريد المركزي من مبنى ذي خمس طوابق شكل المبنى على هيئة حرف “L”، يحتوي المبنى على قاعة كبيرة لارسال الطرود البريدية، حولها قاعات لتوزيع البريد، القاعة الرئيسية مضاءة بإنارة صممت على هيئة “محّارة”، كما تضمن المبنى حديقة علوية فوق السطح ايضا، يلاحظ في ملامح المبنى من الخارج في التصميم قضبان من السيراميك الازراق يغطي الفضاء بين الاعمدة المتوّجة بالزخارف.

 

التو مصمم للمصابيح والكراسي

آلتو صاحب البصمة العالمية في مجال تصميم المباني لم يغفل شغفه الاول بتصميم المصابيح والزجاجيات، وقد فازت لاحقا تصاميمه بجوائز عالمية، حتى هذه اللحظة لازالت تحتفظ منجزاته الزجاجية بهيبة كبيرة، ولها رفوف خاصة في الاسواق. رحل آلتو عن هذا العالم في الحادي عشر من ايار عام 1976، وبقيت ملامحه الابداعية شامخة في اكثر من رقعة جغرافية.

هلسنكي- جمال الخرسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى