ورود أنيقة، أعمدة حادة، تماثيل وأشياء اخرى.. الطبيعة ترسم ما يحلو لها من بلورات الثلج

في شتاءاتك القطبية وحينما يحاصرك الصقيع ما اجمل ان تحتسي القهوة وتمتّع ناظرك بما رسمته ريشة الطبيعة على زجاج الشبابيك والفضاء الخارجي. ليس غريبا ابدا ان تشاهد ورودا، تماثيل او اشكال هندسية غريبة قد تشكلت عفويا بلمسة الطبيعة وذائقتها الاخّاذة.
بفعل البرودة ومتغيرات الطقس قد تتحول بلورات الثلج الرقيقة والهشة الى أشكال هندسية جميلة وانيقة جدا كما هو الحال مثلا مع ورود الثلج، التي تزين البحيرات المتجمدة او شبابيك المنازل، ويمكن ايضا ان تتحول الى ابر جليدية او اعمدة حادة جدا تشبه سيقان النباتات متوجهة في اغلب الاحيان الى الاسفل، يكفي سقوطها لقتل انسان! من تلك البلورات الرقيقة الهشة حينما تتماسك بإحكام ايضا تصنع المنحوتات الجليدية، والغريب انها تقطّع وتصقل بالمنشار وبقية الآلات الحادة! وفي هذا السياق عادة ما تنظّم مهرجانات ومسابقات عالمية للمنحوتات الجليدية. من البلورات الثلجية ايضا تقام في العديد من بلدان الدائرة القطبية مدن وقلاع سياحية تشيد فترة الشتاء من اجل استقبال السياح وتستمر لعدة اشهر.
الارخبيل الساحر الممتد حول بلدان الدائرة القطبية، يتحوّل شتاءً إلى قطعة متوهجة من الصقيع المتلألئ ليلا ونهارا، البحيرات تتجمد وتتصلب لتسير فوقها المركبات وقد تتحول الى مواقف مؤقتة لتلك المركبات، الغابات الخضراء تكتسي حلتها البيضاء المهيبة بما في ذلك الاشجار الدائمة الخضرة، وكلما اقتربت أكثر باتجاه القطب تتحول بعض الأشجار والشجيرات إلى كتلة ثلجية على هيئة تماثيل وأشكال مختلفة.
بداية يهبط الثلج وكأنه أكوام من الدقيق تتطاير مع الريح، وخصوصا على جوانب الطرق السريعة، هناك يتحرك كأنه أمواج من الرمال تحجب الرؤية، ولكنه بعد مدة يتجمد على الأرض فيتحول إلى طبقة سميكة أقوى من الفولاذ، وحينما ترتفع درجات الحرارة تبدأ الطبقات العليا بالذوبان فيصعب المشي عليها، وما إن تنخفض درجات الحرارة يتجمد مرة أخرى حتى بما في ذلك الطبقة التي ذابت، وتتحول إلى ما يسمّى بـ”الثلج الاسود”، والثلج الأسود هو طبقة من الجليد الشفاف تغطي سطح الأرض لكنها تظهر ما تحتها من لون داكن للإسفلت فتبدو طبقة سوداء للوهلة الأولى.
من الثلوج تقام في العديد من بلدان الدائرة القطبية مدن وقلاع سياحية تشيّد فترة الشتاء من اجل استقبال السياح. فوق البحيرات المتجمدة جدا يمارس صيادو الأسماك مهنتهم وهوايتهم، من خلال إحداث ثقب بواسطة مثقاب الثلج في الطبقة العليا المتجمدة فوق البحيرة من اجل مد السنارة بانتظار ان تعلق بها السمكة.
الادباء لهم إلتقاطاتهم الخاصة عن تلك البلورات الصغيرة البيضاء، طالما ربطوا بينها وبين النقاء، الطهارة والامل، فتساقط الثلوج يبعث على تجدد الحياة ويدعو للأمل، انه بشير من بشائر الخير.
على شرف الثلج وبلوراته المتكسرة انجزت الكثير من الاعمال الادبية، من الادب الالماني يعرف الجميع قصة “بياض الثلج والاقزام السبعة” للأخوين “غريم”، رواية “الثلج الاسود” للكاتب الاردني محمد عمر ازوقه، وهناك روايات كثيرة عن الثلج والثلج الاسود في بلدان شمال اوروبا، كذلك مسرحية “رجل الثلج” للشاعر السوري أيمن أبو شعر، وعشرات الاعمال الادبية التي تدور بشكل او بآخر حول الثلج.
جمال الخرسان