منوعات

استراحة في اقدم مقاهي هلسنكي

 

 

ترتبط ثقافة المقاهي بنمط وعادات المجتمعات بمختلف طبقاتها، الفقيرة منها والغنية، كما تمثّل جزءا مهما من ذاكرة المجتمع، المقاهي شاهد تاريخي على ما يحصل في المدن من تحولات المجتمع، الثقافة والتاريخ. في المقاهي التي ارتادها بين والحين والاخر احرص على ملاحقة الكثير من التفاصيل المتعلقة بها، شكل المقهى، الصور الملفتة المعلقة على جدرانه، الاشكال الفنية والهندسية التي تحتضنها تلك المقاهي، الشرائح الاجتماعية لكل مقهى الى غير ذلك من التفاصيل الملفتة والظريفة في ذات الوقت، والتي لا اجدها عبثية بأي شكل من الاشكال.

 

في البلدان القطبية يميل للناس للدفء، وفي ثاني أقرب عاصمة من القطب الشمالي فان سكان هلسنكي شغوفين باحتساء المشروبات الساخنة حيثما كانوا وخصوصا في الشتاء. وتعد مقاهي المدينة ملاذ آمن من قسوة الصقيع ودرجات الحرارة المنخفضة بشكل جنوني احيانا.

هكذا وكما هو حال بقية مدن العالم تنتشر في العاصمة الفنلندية هلسنكي مئات المقاهي، يكفي دلالة على ذلك ان تقوم بجولة في اي زاوية من زوايا هلسنكي خصوصا قلب العاصمة لتجد امامك عشرات المقاهي في مباني المدينة التاريخية والحديثة.

نعم جميع المقاهي تقدم مشروبات ساخنة، لكن بعضها يقدم المشروب الساخن بمذاق ونكهة مختلفة عن الاخريات، وتحرص كل مقهى ان يكون لها ايضا ما يميزها بخصوص ما تقدمه من المعجنات والمأكولات الخفيفة الاخرى. يعرف بعضهم ان بعض المقاهي تستضيف اسبوعيا او في اوقات معروفة من كل شهر حدثا ثقافيا او فنيا ما من اجل اضافة مزيد من المتعة والهيبة للمكان. ناهيك عن ارتباط بعضها بمشاهير الادب والفن.

إحدى الاسئلة الروتينية التي كررتها مرارا ما هو اقدم مقاهي المدينة؟! وبعد السؤال والمتابعة تلمست الاجابة ممزوجة بشيء من الجدل على غير عادة مدينة مثل هلسنكي حريصة جدا على توثيق ذاكرتها بتفصيل ممل.

الاجابة عن ذلك السؤال تعود بنا للحديث عن مقهيين هما الاقدم في العاصمة الفنلندية، مقهى أكبرك “Ekberg”، وكذلك مقهى كابّلي “Kappeli”. وتقع الاولى في شارع بلوفارديا اما الثانية فتقع في حديقة اسبلاندي، والاثنان في قلب العاصمة هلسنكي اما المسافة بينهما فلا تتجاوز كيلومترا واحدا.

ومع ان مقهى اكبرك تأسست عام 1852 ومقهى كابلي تأسست عام 1867 الا ان بعضهم يصف الاخيرة بانها الاقدم، سبب التوصيف متأتي من ان كابلي ومنذ تأسيسها حتى الان لم تغيّر موطنها الاول. اما مقهى اكبرك فقد تنقلت بين عدة مباني، حتى استقرت في مكانها الحالي بشارع بلوفاردي منذ العام 1915، من هنا يمكن تفهم وجه الجدل المثار حول المقهيين. هكذا كانت وقفة الاستراحة والتقاط الانفاس في زاوية من مقاهي هلسنكي.

 

جمال الخرسان

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى