ثقافة وفن

اضاءة على اشهر اعمال توفه جانسون في الذكرى المئوية لولادتها

 

 

قبل ان تكمل العشرين من عمرها عاشت الاديبة الفنلندية الشهيرة توفه جانسون المولودة بالعاصمة هلسنكي في التاسع من آب عام 1914 ارهاصات المنجز الاشهر في حياتها الادبية الحافلة بالإنجازات، وهو سلسلة “عائلة الموميت” او كما يعرف باللغة العربية “وادي الامان”، اذ بدأت فكرة عائلة موميت منذ مطلع الثلاثينات من القرن الماضي حينما اخذت الكاتبة والرسامة الماهرة توفه جانسون ترسم اشكالا كارتونية خيالية من اجل الوصول الى شكل كارتوني يلبي رغبتها في عمل يفضله الكبار والصغار، وشيئا فشيئا اكتملت فكرة الاشكال والابطال الاساسيين للسلسلة، فكان لها ما ارادت. شرعت في كتابة سلسلة موميت قبل حرب الشتاء عام 1939 التي خاضتها فنلندا ضد الاتحاد السوفيتي في اطار الحرب العالمية الثانية، واستمرت في الكتابة اثناء تلك الايام العصيبة، رغم ان توفه جانسون لا تفضل العمل الا في الاجواء الهادئة جدا، لذلك فهي عادة ما تفضل السكن مع اهلها في جزر، من اجل انجاز اعمالها بعيدا عن ضجيج المدن حتى وان كانت المدن الاسكندنافية اساسا تغوص في صمت مطبق على مدار اليوم!

نشرت جانسون اول جزء من سلسلة موميت عام 1945 باللغة السويدية، تحت عنوان “موميت والطوفان العظيم” واخذت تنشر الاجزاء السبعة الاخرى تباعا، مثل “قبعة الساحر، مآثر مومي الاب، جنون منتصف الصيف” وغيرها من اجزاء السلسلة. اشتهر العمل بشكل كبير فترجم لما يقارب 43 لغة، من تلك السلسلة نفذت الكثير من الاعمال الفنية التي تخص الاطفال والكبار، ففي عام 1954 بدأت صحيفة “The Evening News” البريطانية بنشر حلقات من تلك السلسلة بأسلوب الكاركاتير. ثم بعد ذلك نفذت مسرحيات، اعمال كارتونية مختلفة وافلام عديدة من قبل شركات انتاج كثيرة، لكن اشهر منتج تلفزيوني لعائلة موميت هو من تنفيذ اليابان، ابتداءا من العام 1990 وحتى العام 1992. ولازال ذلك المنتج يعرض حتى هذه اللحظة بلغات مختلفة، كما تمت دبلجته ايضا للغة العربية. ابطال القصة حيوانات خيالية اكثر شبها بفرس النهر مع وجود حيوانات اخرى وشخصيتين من البشر، تدور احداث السلسلة في اطار اجتماعي، كوميدي، تعليمي شيّق حول عائلة موميت التي سكنت بيتا في وادي الامان الجميل وانجبت طفلا هناك، وفي كل حلقة من حلقات العمل تخوض العائلة مغامرة ما.

يعد منجز موميت او وادي الامان في الوقت الحاضر رمزا من رموز الثقافة الفنلندية بشكل خاص وبلدان الشمال بشكل عام، وتحرص العديد من المدن الفنلندية على تخليد ذلك العمل بشكل او بآخر، اما من خلال تشييد نصب لأبطال العمل او للكاتبة نفسها، او حتى اقامة قرى سياحية متكاملة المرافق، مقتبسة من ذلك العمل كما هو الحال مع قرية “عالم موميت” السياحية في مدينة نانتالي، اذ يقصدها السياح من جميع انحاء فنلندا.

البناء الفني لشخصية توفه جانسون بدى متأثرا في جذوره بالأجواء الفنية التي كانت توسم عائلتها،  فأمها مصممة طوابع في فنلندا، وابوها يعمل في مجال النحت.

وبالإضافة الى عائلة مومي فإن للأديبة جانسون منجزات فنية أخرى لا تقل اهمية عن عملها الاشهر، فهي رسامة محترفة جدا، بل تجد نفسها في الرسم اكثر من التأليف، اضافة لذلك لها ايضا لمسة في مجال التصميم.

كانت توفه جانسون تنقل خطواتها بإرادة قوية فحققت الكثير مما ارادت، لكن احدى اهم امنياتها التي فشلت في تحقيقها هي ان تبني مستعمرة خاصة جدا للفنانين، بحثت عن المكان المناسب فوجدته في ضواحي مدينة طنجة المغربية، حاولت ان تفعل شيئا لتحقيق ذلك الحلم لكن الظروف لم تسعفها. وبقي ذلك الحلم يراودها حتى وفاتها في السابع والعشرين من حزيران عام 2001.

احتفل المحبون طوال هذا العام وخصوصا في شهر آب بمرور مائة عام على ولادة جانسون، وتكريما لها اقيمت العشرات من الفعاليات الفنية على مدار السنة من هنا جاءت هذه الوقفة.

 

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى