منوعات

“حياتي في العراق” كتاب ليوميات امراة فنلندية عايشت حروب الخليج الثلاثة

 

 

عن ايامها التي عاشتها بالعراق منذ السبعينات وحتى العام 2004 بحلوها ومرها، عن الحروب التي خاضها العراق وعايشتها جميعا، عن ايام الحصار الخانق الذي ضرب الشعب العراقي بالصميم، عن عملها في الشركة التي قادتها للعمل في العراق والكثير من التفاصيل الاخرى نشرت الكاتبة الفنلندية “اينه السعدون” عام 2005 كتابها بعنوان “حياتي في العراق” او “Elämeni irakissa”.

في كتابها توثق يوميات الحرب بطريقتها الخاص، وعلى هامش تلك اليوميات تستوقف مختلف التفاصيل التي يمر بها العراقيون كل يوم، انها الشاهد الذي عاش عشرات السنين بالعراق، خبر الحياة في ذلك البلد، العمل والحب قاداها الى ترك بلدها الام فنلندا والاستقرار في العراق لفترات طويلة.

ولدت “Eine Al-Sadoon” في عام 1942 في قرية “Panuman” التابعة لمدينة “Pudasjärvi”. اكملت تعليمها في فنلندا. وحينما كان المعتاد ان يسافر الرجال الفنلنديون برفقة شركاتهم العاملة خارج فنلندا وخصوصا في الشرق الاوسط اصرت ان تكسر ذلك التقليد، فالمراة الفنلندية تمتلك ما يكفي من التعليم والشجاعة لكي تواجه مصاعب الحياة خارج فنلندا. من هنا ذهبت الى العراق عام 1977 حينما كانت تعمل في شركة “Lohja Ab”، وكان لتلك الشركة لها تعاون تجاري كبير مع العراق، على سبيل المثال اوكل لها بناء عشرات المعاهد التعليمية في مختلف انحاء العراق. وايضا كان للشركة تعاون بخصوص مشروع ” Aapo Ala-Härkönen on kurssitoverini” المشروع انطلق في فنلندا بالخمسينات لكن نضج لاحقا وتم تطبيقه في العراق في السبعينات من قبل تلك الشركة.

 

تذكر الكاتبة انها كانت مسؤولة لمكتب الشركة في بغداد. هناك تعرفت على شخص عراقي ارتبطت به، تمت الخطوبة عام 1978 وفي العام 1979 تم الزواج. اثمرت العلاقة عن ثلاثة اطفال. ارتباطها بزوجها دفعها لتغيير ديانتها من المسيحية الى الاسلام واصبح لقبها ” السعدون “.

وحتى حينما انهت الشركة اعمالها التجارية في العراق بقيت اينه السعدون هناك، كانت بين الحين والاخر تسافر الى فنلندا لكنها تعود.

جاء في احدى وقفاتها مع مصاعب الحياة فترة حرب الخليج الثانية في ص 19 من الكتاب: “لدينا فرن كهربائي لكن وبما ان الكهرباء غير موجودة لابد من البحث عن خيار اخر. في الارياف تستخدم النساء التنور في تجهيز الخبز. التنور هو اشبه بتنورة طويلة لها اذيال وفيها كتلة مشتعلة من النار مستخدمة من روث الحيوانات. يوضع الخبز في التنور بالجزء الاعلى منه. لكن ليس لدينا تنور او خشب وكل ما نملكه هو شواية تعمل على الفحم في الحديقة لكن الجيران استخدموا الفحم في غيابنا. ثم ايضا ان الشواية لا تناسب لصناعة الخبز”.

ذلك الشاهد غير العراقي يسجل في ص 92 من الكتاب مقارنته بين مراحل زمنية مختلفة مر بها العراق، بين الانفتاح الذي حصل للعراق والعراقيين بعد سقوط صدام حسين، من وجود الاطباق اللاقطة واجهزة الحواسيب، وبين ما كانت الشركات الاجنبية تعانيه في العراق حينما كانت تنتظر اسابيع من اجل الحصول على اذن يسمح لها باقتناء اجهزة الاستنساخ، الهاتف، الحاسوب وتفاصيل من هذا القبيل. حيث تؤكد الكاتبة انها حينما كانت تعمل في شركة لوهيا عام 1977 انتظرت لفترة طويلة من اجل الحصول على اذن خاص باقتناء الحاسوب!

عام 1987 خرجت آينه من العراق وتبعها زوجها نيمّر الى خارج العراق عن طريق ايران، احتجز في ايران وبقي في معسكرات اللاجئين قرابة العشرة اشهر قبل ان يصل الى فنلندا. كانت اينو تعيش في مدينة “اولو” الواقعة شمال فنلندا قبل ان تذهب للعراق. وحينما وصلت هي وزوجها الى فنلندا قررت العيش هناك. لكن اولو كما تذكر الكاتبة لم يكن فيها الكثير من العراقيين او العرب، وهذا ما كان يرهق زوجي، زاد اشتياقه الى اهله فقررنا بعد فترة الذهاب الى الاردن. ثم بعد ان انتهت الحرب العراقية الايرانية عادوا للعراق. بعد العام 2003 كانت تتردد بين فنلندا والعراق لمرات عديدة.

الكتاب الذي كتب على غلافه بخط عريض باللغة العربية “دخان غامق” ليتناسب مع تصميم الغلاف يمثل يوميات امراة فنلندية عاملة مديرة لمكتب احدى الشركات الفنلندية في العراق وزوجة اجنبية لشخص عراقي، وفي نفس الوقت انها توثيق لما حصل في العراق من زاوية مختلفة على الاقل.

 

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى