سياسة

أيام اهتساري للسلام محطة سنوية لتعزيز ثقافة السلام المجتمعي والسياسي محليا ودوليا

 

 

ترسيخا لثقافة السلام، واعتزازا بدور فنلندا في صناعة السلام على المستوى الدولي ناهيك عن الاعتزاز بفوز الدبلوماسي الفنلندي الأبرز والرئيس الأسبق مارتي اهتساري بجائزة نوبل للسلام عام 2008 نتيجة دوره الكبير على الصعيد الدولي في هذا المجال تحيي فنلندا  “أيام اهتساري للسلام” في تشرين الثاني كل عام ابتداءا من العام 2011.

تلك المحطة السنوية ذات الطابع الوطني لا تقتصر على الكبار فقط، بل تنظّم فعاليات خاصة بهذه المناسبة في المدارس الفنلندية وحتى في رياض الأطفال. الاحتفال لا يكون فقط من خلال استذكار المناسبة بل استغلالها في تعزيز تلك الثقافة واثارة النقاشات الجادة حولها وفقا لكل مرحلة سنية.

وهي من المرات النادرة التي يسمح فيها الفنلنديون بنظامهم التربوي الرفيع المستوى لطلاب المدارس المشاركة في فعاليات متاتية من خلفيات سياسية وذلك نابع أساسا من تقديرهم العالي لثقافة السلام وضرورة ترسيخها في المجتمع منذ مرحلة الطفولة.

ويعد مارتي اهتساري المولود عام 1937 في مدينة فيبوري اشهر السياسيين الفنلنديين على مستوى العالم، حينما كان سفيرا لفنلندا كان له دور بارز في إرساء السلام بافريقيا، ثم بعد ان اصبح رئيسا لفنلندا 1994ـ 2000 ساهم بشكل كبير في حفظ السلام بمنطقة البلقان وفي مناطق أخرى من العالم، وبعد ان انتهت دورته الرئاسية اسس مؤسسة حل النزاعات الدولية “Crisis Management Initiative-CMI” التي كان لها دور ايجابي في العراق، اليمن وبلدان اخرى. آهتساري كلّف من قبل الأمم المتحدة بان يكون مبعوث سلام او رئيسا للجان تقصي الحقائق الدولية في مناطق مختلفة من العالم بينها العراق وفلسطين.

ليس اهتساري فقط بل فنلندا بشكل عام دأبت على اتخاذ مواقف حيادية في الصراع الدولي بعد نكبة الحرب العالمية الثانية، وخصوصا بعد مجيء الرئيس الفنلندي السابع يوهو كوستي بآسيكيفي الذي حكم فنلندا للفترة 1946 – 1956. فنلندا تعلمت كيف تكون بعيدة عن الحروب حتى لو كانت في منطقة تشتعل فيها الحرب الباردة، اذ ان الموقع الجغرافي لفنلندا وضعها محاذية لحدود الاتحاد السوفيتي ومن الجهة الاخرى فهي تقع على مقربة من الاتحاد الاوربي قبل ان تنظم اليه عام 1995. هذا المعطى السياجغرافي جعل فنلندا تنتهج اسسا اكثر حيادية وتوازنا بين الاحلاف الدولية المتصارعة حول تلك المنطقة وخصوصا في فترة الحرب الباردة بين حلف وارسو (قبل حله) وحلف الناتو. والاحتفال بايام اهتساري بمثابة تتويج لكل ذلك المنجز من جهة ومحطة سنوية لتعزيز ثقافة السلام المجتمعي والسياسي محليا ودوليا.

 

جمال الخرسان

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى