منوعات

تامبيرا: مدينة مشرعة الابواب للصناعة والسياحة، وتحاصرها الجزر والبحيرات من جميع الاتجاهات  

 

 

 

ثالث اكبر مدن فنلندا، وعاصمة منطقة “بيركاما” الواقعة جنوب غرب البلاد، مدينة صناعية بامتياز لذلك تسمى “مانشستر فنلندا”، تحيطها البحيرات من كل الاتجاهات، وتشكل الى جنب جزرها المتعددة ارخبيلا ساحرا في الصيف وقطعة بيضاء متلألئة نقاءا في الشتاء حينما يكسوها الجليد ابتداءا من تشرين الثاني وحتى نيسان. انها مدينة تامبيرا التي يصل عدد سكانها الى حوالي 271 الف نسمة، وتمتد مساحتها على رقعة جغرافية تصل الى حوالي سبعمائة الف كيلو متر مربع. ولان المدينة تقع بين بحيرتي “نسي يارفي” من الشمال، و”بوها يارفي” من الجنوب يشقها الى نصفين بلمسة طبيعية ساحرة منحدر، او قناة تامبيرا التي تمثل صلة وصل بين البحيرتين. اسسها عام 1779 الملك السويدي غوستاف الثالث حينما كانت فنلندا واقعة تحت الاحتلال السويدي. تتبعها اداريا العديد من المدن الصغيرة اشهرها على الاطلاق “مدينة نوكيا” الحاضنة الاولى التي ترعرعت فيها “شركة نوكيا” العملاقة في يوم من الايام، إذ أنّ هذه الاخيرة سجّلت كشركة رسمية في قرية نوكيا عام 1871على يد مؤسسها “فريدريك إيدستام” كشركة مساهمة وأخذت اسمها من المكان التي سجلت فيه.

 

 

التاريخ السياسي

 

تاريخ المدينة السياسي يشير الى انها وقبل تأسيسها كمدينة كانت احدى محطات انتفاضة الفلاحين الفنلنديين ضد الاقطاعيين السويديين فيما يعرف بـ”حرب الهراوات” التي حصلت في اواخر القرن السادس عشر الميلادي.

في تاريخ المدينة السياسية ايضا وثق بان هذه المدينة تعرضت للدمار الشامل ابان الحرب الاهلية الفنلندية التي استمرت للفترة 27/كانون الثاني الى 15/5/1918 بين البيض والحمر، تامبيرا كانت خاضعة للنفوذ الاحمر، فشن الجيش الابيض عليها هجوما كبيرا وجرت على ارضها معارك طاحنة حولت الكثير من معالمها الى ركام، لكن رغم كل ما حصل فإن ارادة اهلها اعادتها اقوى من السابق.

كانت مدينة تامبيرا ايضا منفى فلاديمير لينين قبيل انتصار الثورة البلشفية عام 1917، وتحتضن حتى الان متحفا يضم بعض متعلقات لينين ومخطوطات كتبه، في قلب المدينة وفي قاعة العمال التي شهدت اللقاء الاول بين فلاديمير لينين وجوزيف ستالين خلال مؤتمر عقد عام 1906 من اجل التنسيق بين القوى العمالية التي كانت تلملم شتاتها وتتأهب للقيام بالثورة لبلشفية، في تلك القاعة يقع متحف لينين. الفنلنديون حافظوا على ذلك المتحف وتعاملوا معه ليس كتركة ثقافية لينينية بحتة بل هو جزء من التراث الثقافي والسياسي الفنلندي.

 

ابرز معالم المدينة

كعادة المدن الاوروبية تحافظ تامبيرا على نكهتها القديمة في مركز المدينة، وتطعم طابعها التاريخي بالحديث، مع كامل حرص القائمين عليها على عامل الانسجام ومراعاة الذائقة الجمالية في العمران. فيها كنائس قديمة، عشرات المتاحف الفنية والتاريخية، مسارح وقاعات اوبيرا، مبنى مكتبة تامبيرا ذو التصميم الفريد والانيق، اضافة الى جملة من المباني الجميلة الاخرى.

 

من المعالم الترفيهية الشهيرة جدا في المدينة والتي يقصدها الزائرون من مختلف انحاء فنلندا هي مدينة العاب تامبيرا “ساركن نيمي” التي يعود تأسيسها الى العام 1975، بنيت على ضفاف احدى البحيرات، وتتوفر فيها امكانيات ترفيهية ممتازة جدا، مرافق تسلية للكبار والصغار، عروض للدلافين، لكن ابرز معالم ساركن نيمي هو برجها الذي بني على ارتفاع 168 مترا، ويضم مطعما دوارا، مقهى وقبة توفر لك عزيزي الزائر اطلالة جميلة على معظم معالم المدينة وما حولها، البرج الذي يحمل اسم “ناسي نيولا” افتتح عام 1971، حيث تم بناؤه قبل مدينة العاب ساركن نيمي.

ايضا على مرتفع تكسوه الخضرة من جميع الاتجاهات يقع معلم اخر من معالم مدينة تامبيرا وهو “برج بووني كي” الذي يرتفع لستة وعشرين مترا، ولأنه بني فوق تل فانه يرتفع عن سطح البحر حوالي 160 مترا. احتفالا بمرور 150 عاما على تأسيس المدينة بني عام 1929 ذلك البرج من الغرانيت الاحمر الذي جلب خصيصا للبرج من جزيرة “آهفنن ما” الواقعة في بحر البلطيق، وقد صممه المعماري الفنلندي “فيلهو كولهو”. وبالإضافة الى انه يوفر اطلالة جميلة على محيط المنطقة الساحر، فان من مميزات هذا البرج هو “مقهى مونكي”، وكلمة “مونكي” تشير لنوع من المعجنات المعروفة، لكنها تعد في ذلك المقهى بمواصفات خاصة جدا، هذا البرج بني على اطلال برج خشبي قديم بني عام 1888، ولكنه دمر بسبب الحرب الاهلية الفنلندية عام 1918. الملت ايضا ان المنطقة التي يقع فيها البرج تعتبر محمية طبيعية رسميا منذ شهر ايار عام 1993، رغم ان قطع الاشجار في تلك المنطقة منع منذ العقد الثالث للقرن التاسع عشر. برج بوني كي يقع فوق اعلى مرتفع “HARJU” في العالم، والمقصود هنا مطلح خاص يشير الى المرتفع الذي تشكل نتيجة انزياح مجموعة مرتفعات عن مكانها الاساسي في العصر الجليدي.

بنسيمها الاخاذ صيفا، بزرقة وصفاء مياه بحيراتها فان تامبيرا محطة سياحية جميلة في فصل الصيف، وعلى مدار العام محطة تعليمية متميزة حيث تضم جامعتين ومعاهد عليا مختلفة مشهود بكفاءتها دوليا، تترك اثرها في ذاكرة زوارها كما ترك عشاقها اقفالهم مقفلة على جسر العشاق المشيد وسط المدينة.

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى