ثقافة وفن

الجذور المسيحية في فنلندا

 

كانت المسيحية موجودة في اطار محدود في النصف الثاني للألفية الاولى الميلادية في فنلندا لكنها وابتداءا من الالفية الثانية اصبحت الدين الاكثر شيوعا في البلاد بفضل النشاط الصليبي للمملكة السويدية في فنلندا والذي كان موجها من السلطات الملكية آنذاك، والذي كان مدخلا مهما لاحتلال فنلندا. حيث يذكر المؤرخون الفنلنديون ان الحملة الصليبية الاولى كانت في العقد الخامس للقرن الثاني عشر، ثم اعقبتها السلطات السويدية بحملات اخرى متتالية، ومنذ ذلك التاريخ تجذرت المسيحية في فنلندا واصبحت الوثنية ديانة للأقليات فقط. كانت مدينة توركو الواقعة في اقصى جنوب غرب فنلندا نقطة ارتكاز مهمة جدا في هذا الاطار، المملكة السويدية اختارتها مركزا دينيا لفنلندا ولتكون لاحقا هي العاصمة السياسية للبلاد حتى بدايات القرن التاسع عشر. احدى معالم تلك المرحلة والمراكز الدينية التاريخية التي أثمرتها الحملات الصليبية على فنلندا هي كنيسة توركوا، المبنى الاهم في البلاد ومقر اساقفة فنلندا، بنيت اواخر القرن الثالث عشر من الخشب ثم لاحقا بنيت من الحجر. فنلندا كانت تتأثر بشكل او بآخر بنشاط الكنيسة الارثذوكسية القادم من جهة الشرق ولكن ذلك التأثير بقي في نطاق محدود جدا اذا ما تمت مقارنته الى تأثير الكنيسة الكاثلوليكية من جهة الغرب، ليس ذلك فحسب بل ايضا لان فنلندا جزءا من منطقة شمال اوروبا التي انتشر فيها الاصلاح الديني البروتستانتي للكاثلوليكية على يد الالماني مارتن لوثر (1483ـ 1546) لذلك فان الكنيسة اللوثرية هي الكنيسة المتسيّدة للمشهد المسيحي في فنلندا، وتصل نسبة اتباعها الى حوالي 80% من الشعب الفنلندي، ذات الكنيسة تتسيّد المشهد الديني في السويد، الدانمارك، النروج وايسلندا،  وهي البلدان التي تجمعها خيمة مجلس “بلدان الشمال” او بلدان النوردن. في البلدان الخمسة كانت الديانة الاكثر انتشارا قبل المسيحية هي الوثنية، وكانت تعتمد على في جوهرها على جملة من الاساطير والميثولوجيا النوردية القديمة، ملامح ورمزية تلك الاساطير والميثولوجيا انعكست ولازالت تنعكس بشكل ملفت في الكثير من الاعمال الادبية، الفنية والثقافية في بلدان الشمال الخمسة. واذا ما اقتصر تأثير الديانة الوثنية في العصر الحديث على الالهام الثقافي والفني في بلدان الشمال فان تأثير المسيحية اكبر من ذلك بكثير، لكن الاهم ان سقف العلاقة والتأثير بين الدين، ادارة الدولة وحياة الناس ضبط في سياقات معينة بفضل سلة من القوانين التي تحولت الى اعراف اجتماعية سائدة، وحتى المناسبات العامة ذات الجذور الدينية تحولت الى مناسبات وطنية يحتفي بها الجميع.

جمال الخرسان

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى