“قاعة فنلانديا” عقدت فيها قمة الاتحاد السوفيتي وامريكا حول حرب الخليج الثانية عام 1990 وشهد لقاء يلتسين وكلينتون عام 1997
وسط هلسنكي وفي “حديقة فنلانديا” التي تضم سلسلة من المباني الانيقة القديمة والحديثة، مثل مبنى الموسيقى الذي افتتح حديثا، مبنى الاوبرا الوطنية، متحف المدينة، كياسما متحف الفن الحديث، يقف شامخا ايضا مبنى مكسو بكاملة بالرخام الابيض انه قاعة فنلانديا “Finlandiatalo”، بالقرب من تلك الحديقة الجميلة التي تعتبر بمثابة واجهة حضرية لاستقطاب السياح هناك ايضا قائمة طويلة من المعالم الفنلندية المهمة مثل المبنى التاريخي لمحطة القطار، مبنى البرلمان الفنلندي المميّز، وكذلك مبنى الصحف “Sanomatalo”، المتحف الوطني، المسرح الوطني ومباني اخرى.
قاعة فنلانديا المبنى المتوهج بياضا صيفا وشتاءا وله اطلالة انيقة جدا على احدى البحيرات خصص لإقامة المؤتمرات والاحداث الثقافية والفنية المهمة. تكفّل بتصميمه المعماري الفنلندي المشهور “آلفارو هينريك آلتو”، عام 1962، بوشر في عملية البناء منذ العام 1967 وانجز عام 1971.
سبق لآلتو أن صمّم اعمالا كبيرة في بلدان مختلفة مثل دار الاوبرا في مدينة اسن الالمانية، مبنى الثقافة في مدينة ولفسبورغ المانيا، جامعة مدينة يوفاسكولا، مبنى صحيفة “توركو صانومات”، ساحة مدينة سينا يوكي، مبنى الكهرباء في هلسنكي، اضافة الى عشرات المباني المهمة الاخرى، لكنه وضع اهم مهاراته الفنية في التصميم وعصارة تجربته بذلك المبنى، وكأنه اشبه بعمله النهائي، كما حرص آلتو ايضا على تصميم بعض متطلبات المبنى من اثاث ومصابيح مميزة من اجل ان تبقى تلك اللمسات جزءا من هوية المبنى، ولازالت تلك التفاصيل كما هي حتى الان.
يتكون المبنى من اربعة طوابق، يضم قاعتين كبيرتين تسع كل منهما بضعة آلاف، ويضم ايضا مجموعة كبيرة من القاعات المتوسطة والصغيرة من اجل اقامة الفعاليات المختلفة، جميع القاعات مجهزة بما يلزم تكنلوجيا وفنيا بما يتناسب ومتطلبات الاحداث التي يستضيفها المبنى، وبعضها يوفر اطلالة جميلة جدا على البحيرة القريبة من المبنى، تستضيف تلك القاعات سنويا اكثر من ستمائة حدث في مجالات مختلفة. وعلى مدى اكثر من اربعين عاما استضافت قاعة فنلانديا عددا هائلا من القمم، المؤتمرات، المهرجانات والاحداث الفنية والموسيقية، من اشهر ما احتضنه المبنى هو قمة “اتفاقية هلسنكي للسلام 1975” التي وقّعت بحضور اشهر زعماء العالم حينها، الرئيس الامريكي فورد، وزعماء الاتحاد السوفيتي بالإضافة الى اكثر من خمسين بلد آخر، ذات الاتفاقية تحولت لاحقا الى “منظمة الامن والتعاون الاوروبي”.
ايضا في شباط عام 1983 عقد اجتماع لأوبك على مستوى وزراء النفط وحضره ستون وزيرا وشخصيات اخرى مهمة، شهد المكان ايضا في التاسع من ايلول عام 1990 قمة عالمية اخرى من الوزن الثقيل بين الرئيس الامريكي جورج بوش الاب والزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، تركّزت في معظمها على ازمة العراق والكويت. ذات المكان شهد ايضا قمة سياسية اخرى في آذار 1997 بين بيل كلينتون و بين بوريس يلتسن في تكرار لقمة سابقة، بالإضافة الى عشرات القمم الاوروبية والعالمية الاخرى التي احتضنها المبنى.
فيما يتعلق بالعراق فانه من جملة ما احتضنته قاعة فنلانديا ايضا انها احتضت بالتعاون مع جامعة هلسنكي والسفارة العراقية بعض مؤتمرات الادب العربي الفنلندي في فترة السبعينات والثمانينات، بحضور اسماء عراقية كبيرة منها عبد الجبار البصري، عبد الرزاق عبد الواحد، سامي مهدي وآخرين. اضافة الى اقامة العديد من المناسبات الفنية والموسيقية لشخصيات فنية عراقية، مثل الحفلة الموسيقية التي احيتها عازفة البيانو العراقية الشهيرة “باتريس أوهانسيان-Beatrice Ohanessian” في السابع والعشرين من حزيران عام 1980. في ذات المبنى ايضا احيت باتريس حفلة اخرى في الثاني عشر من ايار عام 1983 بمناسبة الذكرى العشرين على تأسيس الجمعية العربية الفنلندية.
ومع بناء قاعات اخرى مشابهة لذات الاغراض في هلسنكي الا ان المبنى الابيض لازال علامة فارقة في اهميته وطراز بنائه وموقعه الجغرافي وغير ذلك من الاعتبارات الاخرى، لذلك وغيره فان قاعة فنلانديا رمزية خاصة في توثيق العديد من الاحداث المهمة، كثير من المؤسسات تحرص على اقامة بعض نشاطاتها هناك لتكون جزءا من تاريخ ذلك المبنى في يوم من الايام. ومع عودة الصراع الروسي الغربي من جديد هل يحتضن المبنى قمة بين اوباما وبوتن؟!
هلسنكي- جمال الخرسان