كتاب “طهر بغداد” يحكي تجربة فنلندي مجند في الجيش الامريكي خدم في العراق
استعرض بين الحين والاخر كتابا فنلنديا له علاقة بالعراق بشكل او بآخر، التعريف بالكتب تجربة شيّقة، وستكون هذه التجربة اكثر شوقا اذا كانت مرتبطة بالذاكرة العراقية المبعثرة.
اتوقف اليوم مع كتاب “طهر بغداد” الذي يتحدث عن تجربة مجند فنلندي بالجيش الامريكي يذهب الى العراق في اكثر فترات العراق دموية بعد سقوط نظام صدام حسين، صدر الكتاب عام 2010 واشرفت على كتابته الكاتبة الفنلندية المعروفة Petri Sarjanen.
ولد صاحب الكتاب Olli Toukolehto في مدينة تامبيرا الواقعة جنوب فنلندا عام 1980، درس الابتدائية في مدينته ثم درس الاعدادية في مدينة اسبو قرب العاصمة هلسنكي. اما دراسته الجامعية فقد اكملها في امريكا.
في كتابه يجيب اولّي توكوليهتو عن سؤال مفترض يراود القاريء كيف قادت التجربة شابا فنلنديا للعمل مع الجيش الامريكي؟ حول ذلك التساؤل يذكر المؤلف ان لابيه ارتباطات عمل في امريكا منذ الثمانينات من القرن الماضي، ويذهب الى هناك بين الحين والاخر، انتقلت العائلة الى امريكا عام 1989 من اجل العمل. بقيت هناك لعدة سنوات لكنها اضطرت للعودة الى فنلندا لان والدة اولّي ارادت اكمال تعليمها في فنلندا. بقيت العائلة حتى العام 1997 ثم عادت الى امريكا مرة اخرى. اكمل اولّي دراسته هناك في جامعة فلوريدا في تخصص له علاقة بالطب والكيمياء.
في الاثناء اضطر الى تاجيل خدمته العسكرية في فنلندا عام 1999 بسبب اكمال دراسته. وبعد اكمال الدراسة حصل على عرض مغري من قبل الجيش الامريكي للعمل في العراق، اولّي ومن اجل تسديد قرض الدراسة وبهدف مساعدة ضحايا الحروب وقع عقدا مع الجيش الامريكي لعدة سنوات وذهب للعمل في العراق صيف العام 2006.
بعد ان انجز عدة دورات من اجل تاهيله للعمل في العراق بعضها تضمن دورات تعلم لغة عربية بشكل مبسط، انتقل للعراق مرورا بالمانيا ثم الكويت حتى وصل للعراق حيث استقر في احدى قواعد حزام بغداد، عمل لعدة اشهر في الحراسة ثم عمل في مجال تخصصه طبيبا في المختبرات.
في يومياته التي يوثقها الكتاب يتحدث باسهاب عما يجري داخل معسكرات الجيش الامريكي وفي المناطق التي كان يزورها، بصدق يتحدث عن مشاعره كل يوم يقضيه في العراق. يكتب اولّي في الكتاب: “العراق كان تجربة مهمة بالنسبة لي، كانت هناك صعوبات يومية، هناك خوف، نعم خفت ولكن في نهاية المطاف تركت الخوف جانبا لكي اكون قادرا على الاستمرار”.
يضيف اولي “الحرب التي خضناها في العراق تختلف عن الحروب الاخرى. لذلك كنّا ايضا نحاول مساعدة المدنيين، خصوصا المساعدات الطبية التي كانت غير متوفرة بما يكفي في العراق، فالاطباء العراقيون ذهبوا الى خارج العراق”. مضيفا ايضا “شخصيا ساعدت المدنيين كثيرا، بعض المدنيين يعاملوننا بلطف فليس العراقيون جميعا ضد الامريكان، لكن الامور لا تمشي في وئام على الدوام”.
فيما يخص تقديم المساعدات الطبية يذكر اولي انه في احدى المرات انفجرت سيارة مفخخة ليس بعيدا عن القاعدة التي يعمل فيها، الحادث اسفر عن سقوط عشرات المدنيين، حاول اولي والطاقم العامل معه انقاذ العشرات من الجرحى وقد نجحوا في ذلك مما استدعى تكريمنا من قبل الجهات العليا في الجيش الامريكي بسبب ذلك الموقف الانساني.
احدى الوقفات الكتاب عن مثلث الموت جنوب بغداد، وما حصل من تفجيرات دموية في مدينة المسيب. يستعرض عن الدوافع التي جعلت معظم ابناء تلك المناطق الانخراط في صفوف تنظيم القاعدة. اذ يعزو ذلك الى مناطق التي كانت تنشط فيها المنشات العسكرية والتي احتضنت معظمهم لم تعد تعمل والبطالة كانت احد اسباب العنف في العراق.
اولّي يستذكر في كتابه الضوابط الصارمة التي كان يوصي بها الامريكيون في حالات الرد اي عنف من قبل الرافضين لوجودهم، هناك توصيات مشددة بان لا يتم استخدام العنف المفرط مما يتسبب بردود افعال غير محسوبة، يجب الرد بالسلاح المناسب، ويقارن ذلك مثلا بان الخصم يملك كامل الحرية في استخدام اي سلاح يراه مناسبا لمقاتلة الجيش الامريكي!
لم ينس فضيحة ابو غريب، العديد من المواقف الملفتة التي شاهدها، كيف يعيش الامريكيون في قواعدهم والعديد من التفاصيل التي تستحق الاهتمام.
اولّي وبعد عودته من العراق استمر في العمل مع الجيش الامريكي بعقود عمل قابلة للتجديد في مجال تخصصه وله ايضا ابحاث علمية لصالح الجيش الامريكي لازالت غير مكتملة.
جمال الخرسان