سياسة

حرب الشتاء القطبية وقصة المولوتوف !

 

 

في ذاكرة الشمال الاوروبي ربما تنسى شعوب المنطقة جميع الحروب التي حصلت هناك، لكنها لن تنسى بلا شك او تتناسى “حرب الشتاء” التي دارت رحاها بين الاتحاد السوفيتي بعظمته العسكرية من جهة ودولة صغيرة مثل فنلندا من جهة اخرى، تلك الحرب التي اندلعت في اطار الحرب العالمية الثانية والتي استمرت للفترة “30/11/1939- 13/3/1940″، كلما غابت عن الاذهان تقفز الى الذاكرة من خلال احد الاسلحة الشهيرة التي استخدمت وطوّرت فيها، الا وهو سلاح “المولوتوف”، وهو احد الاسلحة التقليدية البسيطة، انه سائل سريع الاشتعال يوضع في زجاجة تشعل وترمى على الهدف، وقد استخدم في الحرب الاهلية الاسبانية في الثلاثينات من القرن الماضي لكن استخدامه في اسبانيا لم يعطه تلك الشهرة والقوة والتأثير الذي حظيت به كما هو الحال مع استخدامه في حرب الشتاء! بل ان ذلك السلاح لم يسمّ بـ”المولوتوف” الا بعد تلك الحرب، فالاسم يشير “تهكّما” الى وزير خارجية الاتحاد السوفيتي آنذاك “فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف”، ومنذ تلك الحرب الشهيرة اصبح المولوتوف هو الاسم الرسمي لسلاح الزجاجات الحارقة، التي تطل بنفسها في معظم وسائل الاعلام ما ان تحصل هنا او هناك ثورة او اعمال شغب “وما اكثرها هذه الايام” في هذا البلد او ذاك، وكلما ذكرت سيرة المولوتوف عادة الذاكرة الى حرب الشتاء.

الفنلنديون يعرفون تماما تفوّق الاتحاد السوفيتي عليهم عسكريا بالعدة والعدد، ولذلك كان عليهم استخدام كل ما بوسعهم من اجل عرقلة تقدم الروس على الحدود الطويلة الممتدة من اقصى شمال فنلندا الى اقصى جنوبها، من الاسلحة التي يسهل توفيرها وحملها هي الزجاجات الحارقة التي كانت فاعلة جدا ضد الدروع، ومن اجل تهيئة اعداد هائلة من تلك الزجاجات قدّمت وزارة الدفاع الفنلندية قبيل بداية الحرب طلبا الى شركة “آلكو” وهي شركة حكومية للمشروبات الكحولية، من اجل تهيئة اعداد كافية من الزجاجات الفارغة لتتم تعبئتها في معسكرات الجيش، استغرب المسؤولون في الشركة من تكرار الطلبات وسألوا عن الاسباب، فاخبروا بالأمر، ولأن المصانع الكحولية لم تكن تنشط في تلك الفترة، لذلك اقترحت الشركة المساهمة في تعبئة تلك الزجاجات بطريقة مثالية وسريعة، وقامت وزارة الدفاع الفنلندية بتزويد الشركة بخلطة مطوّرة تزيد فاعلية القوة التفجيرية لتلك الزجاجات الحارقة، وهكذا منذ ذلك التاريخ اصبحت تلك الزجاجات الحارقة تسمّى بالمولوتوف.

جمال الخرسان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى