لماذا استقال هينونن؟
قبل انظمامه إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان موظف بحوث أقدم في مركز البحث التقني في مختبر اوتاكاري الواقع في الحدود الادارية لمدينة ايسبو الفنلندية. الحديث كل الحديث عن السيد اولّي هينونن (Olli Heinonen) حامل دكتوراه في الكيمياء الاشعاعية من جامعة هلسنكي والبالغ من العمر 63 عاما.
انخرط في صفوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عام 1983، في الاعوام 1999-2002 كان السيد هينونن المدير الإداري في وحدة الضمانات والتحقق، وهذا القسم هو احد التشكيلات الستة في الوكالة الدولية يهدف الى التاكد من ان البلدان التي تصل الى التكنلوجيا النووية لاتستخدمها الا في الموارد السلمية. ثم ابتداءا من العام 2002 حتى عام 2005 اصبح هينونن مديرا للعمليات. وفي تموز من عام 2005 ترأس وحدة ادارة الضمانات والتحقق. بقي في منصبه حتى موعد استقالته النافذ في آب من عام 2010. كما انه يتبوأ ومنذ فترة ليست قصيرة منصب نائب المدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهو مكلف بالتحقق من البرامج النووية للدول حتى لا تستخدم لاغراض عسكرية وفي هذا الاطار عمل مع بعثة التفتيش الى كوريا الشمالية ويعتبر كبير المفتشين فيما يخص الملف النووي الايراني المثير للجدل. اضف لذلك فانه تراس البعثة الدولية المعنية بالتحقيق فيما يتعلق بنواة المفاعل النووي السوري الذي تعرض لضربة جوية من قبل اسرائيل في السادس من ايلول عام 2007.
ونتيجة لجولات مكوكية من التفتيش وماتوفر من وثائق غير معلنه بحوزته لقد لخص هينونن رؤيته للبرنامج النووي الايراني في المؤتمر الذي عقد في شباط من عام 2008 في مقر الوكالة في فيينا حول النشاط النووي الايراني بان هناك أبعاد عسكرية في البرنامج النووي الايراني، واكد وجود علاقة بين مشروعات معالجة اليورانيوم في ايران وتجارب تهدف الى تصنيع صواريخ تحمل رؤوس نووية. ولذلك فان الوكالة غير قادرة حتى الوقت الحاضر على اعطاء ضمانات كافية للعالم بأن البرنامج النووي الايراني مكرس لأغراض سلمية.
وبعد قرابه الثلاثين عاما من العمل الدؤوب والمظني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدم هينونن استقالته لاسباب شخصية كما اعلن عن ذلك في بداية تموز 2010 على ان تكون نافذة في نهاية اب من نفس العام.
ولحساسية الموقع الذي يحتله هينونن في خارطة الازمة الدولية التي تتعلق بالملف النووي الايراني والسوري اثيرت اراء متعددة حول سبب الاستقالة المفاجئة، فالبعض عزاها الى قدوم الرئيس الجديد للوكالة الياباني يوكيا أمانو، والبعض الاخر يعتقد بان الاستقالة جاءت بسبب تعقيد المهمة حول الملف النووي الايراني ولصعوبة الموقف الذي تداخل فيه السياسي بالقانوني، حيث وجد صعوبة بالغة في تلبية المصالح المتنافرة للدول الاعضاء وانه تعرض لاتهامات شديدة من دول عدم الانحياز وفي مقدمتها ايران بعدم الحياد في اعداد تقاريره والانصياع لما تملي عليه الدول الغربية، اما اكثر الاسباب قوة فهو تلقيه دعوة رفيعة من جامعة هارفارد وهذا ما اكده هينونن نفسه من انه سوف يتفرغ ابتداءا من الخريف القادم للعمل في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لكلية كنيدي جامعة هارفارد الامريكية الغنية عن التعريف. وما يدعم ذلك ان زوجته، وهي دبلوماسية من سنغافورة تم تعيينها في سفارة سنغافورة في واشنطن.
الرجل عرف بمهنيته وحرصه الدؤوب على تقديم كل ما بوسعه من اجل المساهمة في حفظ الامن والسلم الدوليين وما يؤكد ذلك تبوءه للعديد من المناصب المهمة في الوكالة الدولية، اضافة الى ذلك اشادة العديد من الجهات الدولية المختصة بحقه، في هذا الصدد يؤكد مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: لقد كان لا يعرف الكلل في سعيه إلى الحقيقة وراء البرنامج النووي الإيراني، وهو واحد من أكثر مفتشي الوكالة خبرة ومعرفة.
من جهته غراهام اليسون مدير مركز بيلفر في جامعة هارفارد يقول: انا متحمس جدا لانظمام هينونن الى المركز فان هينونن بمثابة شارلك هولمز في مجال التفتيش عن البرامج النووية المثيرة للجدل. هو اضافة مهمة جدا للمركز.انه يمتلك خبرة واسعة جدا حول برنامج ايران النووي وسوف يساعدنا كثير في المركز من اجل مكافحة الانتشار النووي غير السلمي، بل لايوجد احد خارج ايران يعرف اسرار وخبايا البرنامج النووي الايراني اكثر من هينونن.
جمال الخرسان