ارهاصات التاريخ السويدي في شعار الدولة الفنلندية
احتلت المملكة السويدية فنلندا ابتداءا من القرن الثالث عشر وحتى مطلع القرن التاسع عشر، ستمائة عام من الاحتلال تركت اثرها الكبير في صميم الهوية والتاريخ الفنلنديين، وما ساهم ايضا في تمظهر الهوية السويدية وتمازجها مع الهوية الفنلندية ان الفنلنديين ينحاوزن اساسا للهوية الغربية التي تمثلها السويد في قبال الهوية الشرقية التي تمثلها الجارة الاخرى روسيا، الفنلنديون الذين يعتبرون هويتهم مختلفة عن البلدين لا ينكرون ان الهوية الفنلندية اقرب للجارة الغربية من الجارة الغربية.
من ابرز الرموز الفنلندية التي انعكست فيها ملامح من التاريخ السويدي هو شعار الدولة الفنلندية الحالي. شعار فنلندا اسد يمسك بيده سيفا ويقف على سيف آحر مقوّس، في الشعار تسع نجمات وهي اشارة للمقاطعات التسعة التاريخية في فنلندا والتي لم تعد قائمة اداريا الان لكنها متداولة بين الفنلنديين. والمقاطعات التسعة هي: “Varsinais-Suomi، Karjala، Lappi، Pohjanmaa، Satakunta، Savo، Häme، Uusimaa، Ahvenanmaa”.
صمم الشعار عام 1978 الفنان الفنلندي “Olof Eriksson” المختص برسم شعارات النبلاء والمحاربين وشعارات المدن، حيث صمم شعارات لعشرات المدن الفنلندية وكذلك طوابع بريدية وغيرها. الشعار مقتبس من شعار سويدي وضع عام 1580 على قبر الملك غوستاف الاول في مدينة اوبسالا السويدية، وغوستاف هو اول ملوك عائلة فاسا النبيلة.
السيفان في الشعار اشارة الى للحرب السويدية الروسية التي حصلت في مقاطعة كاريالا الفنلندية للفترة 1579-1595، تلك الحرب شهدت نصرا للسويديين على روسيا، انتهت الحرب لاحقا بمعاهدة بين الجانبين. هذه الجزئية بالشعار طالما اثارت الجدل، وذلك لان الانطباع الاولي الذي يفهم من مشاهدة الشعار بان السيف المنحني اسفل الاسد هو السيف الشرقي الذي يشير الى روسيا، لكن هناك تفسيرات اخرى تعتقد بانه يشير لسيف المغول الذين هددوا اوروبا في تلك الفترة او حتى يشير لسيف الاتراك وهم قدرة كبيرة وصلت الى اوروبا انذاك.
اختار الفنلنديون الاسد لانه يمثل القوة والنبل وشعار مستخدم في معظم البلدان الاوروبية منذ مطلع الالفية الثانية للميلاد. استخدم الفنلنديون في القرن الرابع عشر شعار الاسد لكن شكل الشعار كان مختلفا الى حد كبير. الفنلنديون شعب يعتز بهويته المستقلة ويبحث عن شخصيته الخاصة به لاشك في ذلك، لكن الملامح السويدية المنعكسة بالعديد من الرموز الفنلندية واقع لا يمكن لاحد ان ينكره، الفنلنديون يشعرون ان انتائهم الغربي يدفعهم للالتصاق بالسويد وبقية بلدان الشمال مما يعني بالضرورة ابتعادهم عن روسيا.
جمال الخرسان