حوار الرئيسة الفنلندية تاريا هالونن مع قناة الجزيرة تزامنا مع حرب تموز 2006
السياسة الأوروبية في الشرق الأوسط
تستضيف الحلقة رئيسة فنلندا ورئيسة الاتحاد الأوروبي تاريا هالونين وتناقش معها طبيعة الموقف الأوروبي تجاه أزمة الشرق الأوسط في لبنان وفلسطين.
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة من كولتارانتا المقر الرئاسي الصيفي في جنوب شرق فنلندا، فنلندا بلد البحيرات حيث يوجد بها مائة وثمانون ألف بحيرة من بينهم بحيرة سيما التي تعد خامس أكبر البحيرات في أوروبا، فنلندا بلد الجزر حيث يوجد بها مائة وثمانون ألف جزيرة وبلد الغابات حيث تغطي الغابات 68% من مساحتها الكلية وبلد شمس منتصف الليل حيث لا تغيب الشمس عن بعض مناطقها الشمالية ثلاثة وسبعون يوما في العام وبلد الهاتف الجوال نوكيا الذي يستخدمه أكثر من نصف سكان العالم الذين يستخدمون الهاتف الجوال ونوكيا بالمناسبة هو اسم أحد المدن الفنلندية الصغيرة، فنلندا التي لا يزيد عدد سكانها عن الخمسة ملايين نسمة استطاعت القضاء على الأمية قبل ستة وثمانين عاما أي في العام 1920 وفنلندا كانت أول دولة أوروبية تمنح المرأة حق الترشيح والتصويت وكان ذلك قبل مائة عام وفنلندا وفق الدراسة التي أجراها البرنامج الدولي للتقييم الطلابي إيسا جاءت على رأس دول العالم باعتبارها تملك أفضل نظام تعليمي في العالم، كما منحها تقرير التنافسية الاقتصادية الدولي للعام الرابع على التوالي أفضل اقتصاد تنافسي في العالم وأفضل مناخ للأعمال في العالم غير أني لست هنا من أجل أي شيء من ذلك وإنما نحن هنا لأن فنلندا التي انضمت إلى مجلس أوروبا عام 1989 ترأس الاتحاد الأوروبي لهذه الدورة، حيث نتعرف من رئيستها.. رئيسة الاتحاد الأوروبي تاريا هالونين على موقفها من الأحداث الهائلة التي تمر بها المنطقة العربية في هذه الأيام، تاريا هالونين هي الرئيس الحادي عشر لجمهورية فنلندا وهي أول رئيسية للبلاد، تولت الحكم في الأول من مارس عام 2000، ثم أعيد انتخابها لفترة رئاسية ثانية في يناير من هذا العام 2006، حاصلة على درجة الماجستير في القانون وانضمت إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي في العام 1971، اُنتخبت تاريا هالونين عضوه في البرلمان لأول مرة عام 1979 ثم أعيد انتخابها بعد ذلك أربع مرات متتالية حتى تولت الرئاسة، تولت من العام 1987 وحتى العام 2000 ثلاث وزارات هي الشؤون الاجتماعية والعدل والشؤون الخارجية وهي متزوجة ولديها ابنة واحدة ومن بين اهتماماتها الخاصة أنها تحب التاريخ والآداب والفنون والرسم والمشاركة في المسابقات الرياضية لاسيما السباحة التي تمارسها بشكل منتظم، سيادة الرئيسة مرحبا بكِ.
تاريا هالونين – رئيسة فنلندا رئيسة الاتحاد الأوروبي: لقد قمتم ببحث جيدا جدا عني وأنا سعيدة بأنكم أنجزتم ذلك وشكرا جزيلا لكلماتكم الجميلة حول بلدي ونحن وأنتم تحبون هذا البلد على ما يبدو، إذاً أنتم ضيوفنا نتطلع لاستمتاعكم بهذه الحلقة.
مواقف فنلندا وأوروبا
تجاه حرب إسرائيل ضد لبنان
أحمد منصور: وأنا أشكرك على المشاركة معنا في هذا البرنامج وفي هذا الوقت بالذات الذي تمر فيه منطقتنا بهذه الأحداث وأود أن أقول لكي أن بلدكم بلد جميل فعلا وفيها الكثير الذي لم أستطع في المقدمة أن أقوله ولكني أبدأ بالأحداث الجارية الآن، إسرائيل يوم الأحد الماضي ارتكبت في قانا المجزرة رقم سبعين في تاريخها ضد العرب منذ قيامها على أنقاض فلسطين عام 1948، أليست أوروبا التي ترأسون اتحادها الآن شريكة في تلك الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بسبب دعمكم اللامحدود لها وصمتكم عن إدانتها؟
تاريا هالونين: فنلندا كما هو الحال مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى نأمل في المساعدة للحصول على سلام دائم في الشرق الأوسط وفي الحقيقة عندما كانت فنلندا ترأست الاتحاد الأوروبي آخر مرة كان في عام 1999، نحن إذاً قمنا بعمل كبير منذ ذلك الوقت وحتى الآن لخلق فرص مواتية من أجل سلام والمفاوضات في الشرق الأوسط، لكننا أصبنا بخيبة أمل، الآن أعتقد أننا كلانا قد تلقينا هذه الأنباء، آخر الأنباء من إسرائيل ومن لبنان ومن غزة وإذاً رسالتنا واضحة تماما أوقفوا العنف، أوقفوا الصواريخ والقصف وكل أشكال العنف ونأمل من أننا سوف نحصل على وقف لإطلاق النار وبعد ذلك ننطلق قدما في عملية السلام ومن ثم يمكن أن تتأكدوا أن الاتحاد الأوروبي ملتزم تماما بمساعدة عملية السلام وإذاً هذه عملية يشترك فيها الجميع والكل فيها مسؤول عن عملية السلام وبهذه الطريقة كل من لبنان وإسرائيل والفلسطينيين.. كل البلدان هناك مرحبون بالعمل مع الاتحاد الأوروبي.
أحمد منصور: اسمحي لي.. يعني أنتم بهذه الطريقة تساوون بين الجاني والضحية، أنتم تساوون بين إسرائيل التي تقوم بقتل الأطفال والنساء الذين يأوون إلى الملاجئ وتساوون بين المعتَدي عليهم من اللبنانيين والفلسطينيين، أليس عار على أوروبا أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني محاصرين منذ ستة أشهر ولا تتدخلون من أجلهم؟ أليس عار على أوروبا أنه إلى اليوم للمرة الأولى في تاريخ مجلس الأمن ينشب صراع عسكري واعتداء ولا يتم استصدار أي قرار من مجلس الأمن إلى الآن من أجل إيقاف الاعتداء الإسرائيلي على لبنان؟
تاريا هالونين: إذاً أنا أعترض على سؤالك بهذه الطريقة، نحن لا نساوي بين الضحية والجلاد بنفس الطريقة ولكن بشكل متساوي نحن ندين كل أشكال العنف في الشرق الأوسط ولهذا السبب قلت الصواريخ والقصف، الاتحاد الأوروبي كان مباشر تماما في كلامه عندما قال إننا نطالب من جميع الأطراف أن توقف العنف لأن المدنيين الأبرياء الذين يتم قتلهم هم على حد سواء إذا ما قُتلوا أيا كان المسؤول عن قتلهم وأعتقد أنكم في الشرق الأوسط..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أليس هناك معتد ومعتدَىَ عليه؟ أليست إسرائيل هي المعتدية وفق كل القوانين حتى التي صدرت من مجلس الأمن قبل ذلك؟ أليست منظمات حقوق الإنسان تدين إسرائيل فيما تقوم به؟
تاريا هالونين: نحن كلنا ندين العنف في إسرائيل ولكننا ندين أشكال العنف الأخرى التي تُرتكب من آخرين في الشرق الأوسط، لا نستثني الإسرائيليين، إن رسالتنا واضحة لكلا الطرفين.. أوقفوا العنف وإن ما يحدث من خلال نقاشاتنا مع الشرق الأوسط ومع الإسرائيليين ومع غيرهم من دول الاتحاد الأوروبي قال بكل وضوح إن على الإسرائيليين أن يوقفوا العنف ولكن في الوقت نفسه طالبنا بأن حزب الله من جانبه أيضا أن الطريقة التي يقومون بها لا يجعلوا الأوضاع أفضل، إذاً أعتقد إننا نحن جميعا الاتحاد الأوروبي وكذلك البلدان الأخرى يجب أن ندعم وبكل قوة الأمم المتحدة لنعمل من أجل تحقيق شيء ونحن نعلم أن مجلس الأمن لم يبدأ بالعمل رغم أن الأعضاء الدائمين بدؤوا لنقُل بالإعداد والمشاورات والمناقشات، آمل إننا نكون مجمعين على وضع من خلالها مجلس الأمن يستطيع اتخاذ القرارات لنمضي قُدما إلى الأمام وهذه هي السبيل إلى تحقيق السلام، بعد كل هذا القنابل تسقط، هي متشابهة من كل الطرفين لهذا السبب نقول أوقفوا العنف.
أحمد منصور: اسمحي لي سيادة الرئيسة، الكلام عن العنف، الكلام عن المعتدى عليه والمطالبة بإيقافه، إسرائيل اعتبرت مؤتمر روما أعطاها الضوء الأخضر لمزيد من القتل، أميركا منحت إسرائيل مزيد من الوقت لمزيد من القتل في لبنان، أليس هناك قاتل وهناك مقتول؟ لماذا تساوون بين القاتل والمقتول؟ لماذا لا تطالبون بشكل واضح كأوروبيين الآن إسرائيل بوقف إطلاق النار باعتبارها هي المعتدية وهي المحتلة؟ كيف تطلبون من المحاصرين في غزة أن يوقفوا الاعتداء وهم محاصرون؟ إسرائيل تقتل فيهم بالليل والنهار، ألا ترون صور النساء والأطفال القتلى؟
تاريا هالونين: الأمر الأول بالطبع هو أن آخر قرار اُتخذ من قبل وزراء الخارجية للدول الاتحاد الأوروبي كان قرار واضح وأيضا يكون ترجمته خاطئة إذا ما أولنا أنه كان بمثابة ضوء أخضر، الرسالة لم تكن كذلك، الرسالة قالت أوقفوا العنف، أعتقد أيضا إنه الأمم المتحدة هي من حد ذاتها ومراقبي الأمم المتحدة في لبنان يمكن أن تتفهم وأنا وبأسف بالغ تابعنا الأوضاع هناك ولكن ليس فقط الشعور بالأسف والأسى ولكن أيضا كان لدينا موقف قوي بالعمل مع الشركاء الآخرين للعمل من أجل السلام، لكن أولا يجب إيقاف العنف لأنكم تعلمون على سبيل المثال الأوضاع في غزة معروفة لدى الاتحاد الأوروبي تماما لأننا كنا أقوى داعم للشعب الفلسطيني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الاتحاد الأوروبي ما عملش حاجة..
تاريا هالونين [متابعةً]: المساعدات الإنسانية تحديدا للظروف الإنسانية، لدينا الآن.. وعدنا بإعطاء المزيد من الدعم بشكل مباشر ومن خلال الأمم المتحدة آمل أن تفهموا أن الاتحاد الأوروبي كان أقوى داعم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: (European Union did not do anything for Palestinian people)..
تاريا هالونين: نحن لا نصنع معجزات، لكننا داعمين أقوياء ونحن نعمل ونعيش معكم في الأرض ونقدم المعونات الإنسانية..
أحمد منصور: أنتم تدعمون إسرائيل فقط، كل المسؤولين..
تاريا هالونين: (Please, Could I get the translation first, so I may continue please).
أحمد منصور: طيب، أنتم تدعمون إسرائيل فقط، كل المسؤولين الأوروبيين الذين زاروا المنطقة تحدثوا عن الإفراج عن الجنود الإسرائيليين الأسرى سواء لدى حزب الله أو لدى حماس، لم يتحدث أحد وأنتي امرأة.. سيدة تحكمي وكنتِ أول سيدة تحكمي عن خمسمائة سيدة وطفل في سجون إسرائيل، لم يطالب أي أوروبي بالإفراج عنهم حتى الآن، لم تطالبوا بالإفراج عن الأسرى الآخرين، هل كل ما يهمكم فقط هو الإسرائيليين؟ أما يهمكم الآخرون؟ ألسنا بشر نحن العرب أيضا كما يقول الذين يطرحون هذا السؤال؟
“
لكل طرف الحق في الدفاع عن نفسه وبالتالي فإن هذا حق لإسرائيل، كذلك يجب على إسرائيل أن لا ترد بهذا العنف ويجب عليها أن تعود إلى مائدة التفاوض
“
تاريا هالونين: للكل الحق بالطبع.. الحق بأن يدافع عن نفسه أو عن نفسها وهذا بالطبع هو حق إسرائيل أيضا، هذا ما نقوله بشكل واضح، الشعب الإسرائيلي يجب الآن يكون لهم الحق في أن يعيشوا بسلام من دون عنف أو صواريخ ولكن في الوقت نفسه وبالطريقة ذاتها نقول إن إسرائيل لا تستطيع أن ترد بعنف أقوى، يجب عليها أن تفعل ما بوسعها لتعود إلى مائدة التفاوض، الناس في لبنان أو في غزة يعانون من العنف، إذاً بهذه الطريقة سيكون من الأفضل أن نقول لشعوب الشرق الأوسط إننا من أجل السلام وإننا لا نشارك في أي عنف بل على العكس من ذلك نحن نعاني من خلال أشخاص أو الأناس الذين جاؤوا ليساعدوكم في المنطقة من نفس العنف، لذلك يجب ألا نقول إن عنف هو جيد وعنف آخر هو سيئ، الأفضل أن نوقف العنف وأن نحصل على وقف إطلاق النار ثم نعود إلى عملية السلام، لكن نحن قد بدأنا هذه العملية في السابق وهي أفضل للجميع ونحن نشعر بقوة تجاه أوضاع النساء والأطفال..
أحمد منصور: هذا كلام..
تاريا هالونين: فأنا أعلم الكثير من النازحين من بينهم النساء والأطفال..
أحمد منصور: اسمحي لي، (Excuse me) هذا كلام عام لا يمس جوهر ما سألتك عنه ولكن تاريخيا الآن وفنلندا لا تحمل أي عداوات مع الدول العربية أو مع العالم الإسلامي، هل يمكن أن تسجلي موقفا تاريخيا لبلادك وإسرائيل تقوم باعتداءات الآن وكما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش.. يستخدمون أسلحة محرمة دوليا، ارتكبوا مجزرة واضحة في قانا وقتلوا أكثر من 36 طفلا وعشرات آخرين من النساء والأطفال، أما يمكن أن تديني إسرائيل على ما تقوم به وأن تطالبي مطالبة واضحة بوقف إطلاق النار من إسرائيل؟
تاريا هالونين: قلنا هذا بكل وضوح وكررنا رسالتنا مرات عدة وإذا ما كان لي أن أذكركم فقط إنه من المحزن أن عملية السلام في الشرق الأوسط واجهت صعوبات لوقت طويل أكثر مما ينبغي، قوات حفظ السلام الفنلندية موجودة في لبنان لأكثر من 20 عاما ونحن تركنا المنطقة منذ عامين لذلك نحن بحاجة إلى مساعدات، أنا أقول لك إن هذا العنف الذي يحدث طيلة الوقت هذا جزء من هذه العملية الفظيعة وما نريده نحن هو أو نوقف العنف ولكن تعلمون أيضا إننا أعطينا رسالتنا بشكل واضح ونأمل بأن مجلس الأمن الدولي بكل أعضائه الدائمين سيقومون بذلك..
موقف الاتحاد الأوروبي
من إرسال قوات إلى جنوب لبنان
أحمد منصور: ماذا تقولي إلى مجلس الأمن؟ كرئيس الاتحاد الأوروبي الآن ماذا تقولي إلى مجلس الأمن؟
تاريا هالونين: إن رئاسة الاتحاد الأوروبي كما تعلمون.. فقمنا بزيارات، وزير الخارجية زار المنطقة إضافة إلى الممثل الأعلى خافيير سولانا وأيضاً ننظر أو كنا ننظم لقاءات من أجل إعطاء المزيد من المساعدات للمنطقة ونحن الآن أيضاًَ الخطوة القادمة بالنسبة لنا سوية مع مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة أن نقنع كلا الطرفين بأن يوقفوا أعمال العنف وبعد ذلك ننتقل إلى وقف كامل لإطلاق النار، الاتحاد الأوروبي مستعد لتطبيق قراراته الخاصة في أقرب وقت ممكن وقد كانت لنا لقاءات للدول الأعضاء من ذي قبل وهي تلك البلدان التي لها مواقف إيجابية من أجل مشاركة بقوات في المنقطة، لكن دعونا نكون واضحين تماماً، هذه ستكون تلك القوات التي سترسل عندما يكون هناك وقف إطلاق النار وهناك خطة سياسية لأننا لا نرى أي إمكانية في هذا الوضع.
أحمد منصور: هل ستشاركون في هذه القوة الأطلسية التي سترسَل إلى جنوب لبنان؟
تاريا هالونين: نحن لا نتحدث عن قوة حلف الناتو، لكننا لا نريد أن نقوم بهذه العملية من خلال القتال وبسط الأمور بالقوة، الاتحاد الأوروبي جاهز مع شركائه عندما يكون هناك وقف إطلاق النار، لذلك أنا لا أعتقد أننا بقوة تأتي من الخارج نستطيع أن نخرج بحلول لهذه القضية لأنني أعتقد أن الفرقاء عندما يكونون مستعدين لوقف إطلاق النار عند ذاك نأتي للمساعدة..
أحمد منصور: ما هي رسالتك التي توجهيها لرئيس الوزراء الإسرائيلي يهود أولمرت؟
تاريا هالونين: إن رسالتنا كانت واضحة تماماً، أوقفوا العنف ولا تعتقدوا إنكم تستطيعون أن تستمروا ثم يأتي غيركم ليكمل العمل العسكري، أرجوكم عودوا إلى مائدة التفاوض.
أحمد منصور: هل تستطيع إسرائيل أن تحقق ما أعلنت أنه أهدافها من وراء هذه الحرب؟
تاريا هالونين: هل يمكن أن تكرر من فضلك؟
أحمد منصور: هل تستطيع إسرائيل أن تحقق أهدافها من وراء هذه الحرب؟
تاريا هالونين: أعتقد أن الأمر المهم بالنسبة لإسرائيل أن تحققه هو السلام، فإمكانية العيش في سلام مع جيرانها.. عند ذاك سيكون ممكناً أن نبدأ بالعودة إلى الأوضاع الأساسية لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وتعيش في سلام مع جيرانها، بالطبع على سبيل المثال قالوا هناك قضايا مع لبنان وسوريا، هذه يمكن أن تُحل على مائدة التفاوض وليس من خلال العمل العسكري.
أحمد منصور: في الأسبوع الماضي قُتل أربعة من المراقبين الدوليين أحدهم فنلندي وأحدهم صيني، الصينيون اعتبروا ما قامت به إسرائيل جريمة لا تغتفر فيما اكتفت فنلندا بالتعبير بعبارات دبلوماسية بأن هذا شيء يدعو إلى الصدمة، هل تخافون من إدانة إسرائيل في جريمة ارتكبتها ضد مواطن فنلندي؟
تاريا هالونين: نحن لدينا أسلوب مختلف تماماً في الحديث ولكن ما طالبت به فوراً هو أن نحصل على إجابة واضحة عما حدث وكنا على اتصال مع الأمم المتحدة لأنه ليس.. لم يكن هناك هجوم وقع ضد مواطننا فقط في تلك المنطقة، بل كان أيضاً ضد الأمم المتحدة وعملها وعلينا أن نحترم الأمم المتحدة والصليب الدولي والمنظمات الدولية الأخرى التي تحاول أن تساعد الناس وأن نحصل على المعلومات الصحيحة، إن هؤلاء المراقبين الأربعة كانوا هناك ليكونوا بمثابة أعين وآذان للأمم المتحدة لمراقبة الأوضاع وأيضاً يتحققوا مما يجري ويتأكدوا من الحقائق، لو أن شخصاً ما يطلق النار على هؤلاء فإنه أمر غير مقبول ومرفوض تماماً ضد هؤلاء وضد كرامتهم وحياتهم الإنسانية وضد الأمم المتحدة أيضاً، بالطبع أنا سعيدة من أن الحكومة الإسرائيلية وعدت بإجراء تحقيق كامل أو تقرير كامل عما حدث، لكن أعتقد إن الأمم المتحدة نفسها عليها أن تدرس الحالة وتخرج بتقرير عما حدث لأنها كانت مستهدفة كونها الأمم المتحدة.
أحمد منصور: وماذا عن الأطفال والنساء الذين قتلوا في قانا؟
تاريا هالونين: إذاً.. إن قلبي مليء بالأوجاع والآلام لهم، لكن إن هؤلاء أبرياء تم استهدافهم مرات عدة، آمل إن النساء خاصة في كل مناطق العالم وفي تلك المنطقة.. إنهم هم الذين يحرسون حياة الإنسان وكثيراً نقول عنهم إنهم ضحايا، لكن حقيقة هم يحاولون حماية أرواحهن وأرواح أطفالهن في ظل هذه الظروف المريعة، إذاً تعازي الحارة لهم وآمل أننا نستطيع أن نعمل معهم ومع غيرهم وكما تعلمون إننا بحثنا من الآن وقبل مدة من الزمن مع الأمم المتحدة ومع المنظمات الأخرى كيف يمكن أن نستطيع أن نجعل المزيد من النساء يتكاتفن ويعملن من أجل السلام، في سبتمبر عندما يكون هناك اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سوف أفعل قصارى جهدي لأجعل من النساء الأخريات.. عندما أكون هناك أن أكون أمثل بلدي وأن أتحدث أيضاً نيابة عن الاتحاد الأوروبي لنساعد بعضنا البعض لأنني أعتقد أننا بحاجة إلى مساعدات شقيقاتنا في كل مكان.
أحمد منصور: أنا تجولت في هلسنكي وفي توركو وفي بعض المناطق الأخرى ورأيت كيف تبجلون قادتكم التاريخيين الذين قادوا بلادكم إلى الاستقلال، هل تقبلون كفنلنديين أن يوصف قادتكم الذين قاوموا الاحتلال مثل السوفيت أو السويديين مثل جنرال فون مانر خيام الذي قاد حروب الفنلنديين ضد السوفيت في الحربين العالميتين الأولى والثانية والذي شكل أول حكومة بعد الحرب ثم أصبح رئيساً لبلاد في العام 1964.. هل تقبلون هو ومن معه من أبطال فنلندا أن يوصفوا بأنهم إرهابيون؟
تاريا هالونين: إذاً لا أحب المقارنة في هذا السؤال..
أحمد منصور: لماذا لا تقارني؟
تاريا هالونين: حصلت فنلندا على.. اسمحوا لي أن أجيب على السؤال، بالطبع فنلندا نالت استقلالها بإعلان الاستقلال، إذاً لم يكن هناك حاجة إلى خوض حرب، لكن كان هناك حرب أهلية بعد ذلك ثم كانت هناك حربين مع الاتحاد السوفيتي وفنلندا وبالطبع نحن نحب الوطنيين وقادتنا الوطنيين ومَن دافعوا عن بلادنا وعن شعبنا ومازلنا.. ما زال بعضهم يعيش بيننا، كبروا في السن وأنا نفسي وُلدت في زمن الحرب، لكن كان ذلك حرباً نحن لم نكسبها وأيضاً كان لابد أن نبني هذا البلد وأيضاً ربما قاتلنا في الجانب الخطأ في بعض أنحاء البلاد، أنا أعلم إنه في بلدان أخرى كانت هناك أسماء أو صفات أخرى تطلق لكن كانت قوات دفاعنا التي تتحدث عنها، أنا نعم أرى أنك تشعر الشعور نفسه تجاه أشخاص يحمون أو يدافعون عن بلادهم..
أحمد منصور: أنتم تصفون من يدافعون عن لبنان وفلسطين بأنهم إرهابيون.
تاريا هالونين: هذا هو بالطبع.. هذه وفق الاتفاقيات الدولية هذه التسميات، الاتحاد الأوروبي لا يريد أن يسمي البعض إرهابي وغيرهم، نحن أنا محامية سابقة.
أحمد منصور: أنت تدفعون الآخرين لأن يطلقوا على مقاتليكم وتاريخكم أيضاً بأنكم.. أنتم بهذه التسمية تطلقون عن الذين يدافعون عن أوطانهم أن يصفوكم ويصفوا تاريخكم بالإرهاب أيضاً.
تاريا هالونين: أنا لم أسمي أحداً إرهابياً في هذه المقابلة.
أحمد منصور: الاتحاد الأوروبي الذي تمثلينه (The European Union).
تاريا هالونين: نعم نحن ندين كل أشكل الإرهاب وأعتقد أن هناك فرقاً بين الحرب وبين الهجمات الإرهابية في بلدان مختلفة وفي مدن مختلفة، أنا لا أعتقد أن أي أحد يرضى بهذا النوع من المساعدة للبلد أو لقضية معينة.
أحمد منصور: صحيفة الحياة التي تصدر في لندن نشرت تقريراً في الـ 16 من يوليو الماضي قالت فيه إن حركة حماس طلبت عبر القيادة المصرية من فنلندا باعتبارها ترأس الاتحاد الأوروبي الوساطة في قضية تبادل الأسرى مع الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت، ما حقيقة ذلك؟ أسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار مع رئيسة فنلندا، رئيسة الاتحاد الأوروبي تاريا هالونين، فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]أحمد منصور: أهلاً بكم من جديد، بلا حدود من كولتارانتا المقر الرئاسي الصيفي لرئيسة فنلندا الذي يقع جنوب غرب فنلندا، حوارنا مع رئيسة فنلندا تاريا هالونين رئيسة الاتحاد الأوروبي، كان سؤالي لك حول الوساطة بين حماس وإسرائيل التي يمكن أن تقوم بها فنلندا ولكنك أخبرتني في الاستراحة تودين أن تضيفي شيئاً حول وصف المقاومين بالإرهابيين.
الاتحاد الأوروبي
والتوسط بين حماس وإسرائيل
“
نعلم أن حماس على قائمة الإرهاب الأميركية، ونأمل منها أن تأتي إلى مائدة التفاوض وتعترف قبل أي شيء بضرورة وجود دولتين مستقلتين هما إسرائيل وفلسطين
“
تاريا هالونين: نعم كان هناك سؤال سابق تحدث عن الإرهاب، أعتقد أننا نعرف أيضاً إن رئيس وزراء لبنان السنيورة والذي لديه صعوبات متضاعفة وأكثر، أعتقد أنه هو الآخر يريد أيضاً يريد لشعبه وكل.. أو لأبناء شعبه الذين هم محتجزون لدى البلدان الأخرى أن يُعادوا إلى بلدهم، أعتقد أن الوضع عندما حاولوا الحفاظ على السلام، لكن الآخرون يحاربون في المنطقة أعتقد أن هذا أمر يدلنا على كيف أن الأوضاع زادت خطورة، لكن بقدر تعلق الأمر بحماس الاتحاد الأوروبي حاول أن يتدخل من أجل العثور على طرق يستطيع من خلالها إيصال مساعدات إنسانية واسعة النطاق لأصدقائنا في فلسطين ولكنه في الوقت نفسه أعتقد إنه طلب أو مناشدة بأن حماس أيضاً أن تدعم فكر دولتين مستقلتين إسرائيل وفلسطين وأن تحترم أيضاً الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها السلطة الفلسطينية السابقة، أعتقد أن هذه عملية طبيعية، نحن لم نسم أي منظمة إرهابية أو غير إرهابية، نحن كنا ضد فكر..
أحمد منصور: معنى ذلك أنكم لا تسمون حماس منظمة إرهابية؟
تاريا هالونين: أقول أننا نحن نعلم أن حماس موجودة على قائمة الإرهاب الأميركية، لكننا ليست لدينا إرادة أو سبب لدعم الإرهاب، لكننا نأمل من حماس أن تأتي إلى مائدة التفاوض، تجلس إلى مائدة التفاوض..
أحمد منصور: هل يمكن أن تتوسطوا..
تاريا هالونين: وأن تحترم أيضاً رأي الشعب الفلسطيني، إذاً دعونا نميّز بين الأسماء والأفعال، لو أن حماس تعمل مع خطة السلام وفقاً لخارطة الطريق وغيرها أعتقد أن بإمكانهم أيضاً أن يقولوا الآخرين إنهم ليسوا إرهابيين.
أحمد منصور: لا أريد أن أخوض معك في تفاصيل ما قلته يعتبر بالنسبة للمواقف الأوروبية رائع للغاية ووصلت إلى خطوات متقدمة سواء في وصفك لحزب الله أو في وصفك لحماس أو من يقاومون بالدرجة الأولى واحترمتِ تاريخ بلادك وتاريخ المقاومين فيها، لكن أنا أريد أسألك بشكل واضح هل لديكم استعداد للوساطة بين حماس وإسرائيل من أجل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين؟ بوضوح وباختصار.
تاريا هالونين: أنا واثقة من أننا نحن مستعدون للمساعدة بأي شكل كان للتوصل إلى اتفاق ما بين إسرائيل والسلطات الفلسطينية.
أحمد منصور: السلطات الفلسطينية بما فيها حكومة حماس؟
تاريا هالونين: لو أن حكومة حماس تجلس إلى مائدة التفاوض أعتقد عند ذاك نحن مستعدون للعمل مع عملية السلام، الاسم لا يغير شيء.
أحمد منصور: هل أنتم مستعدون أيضا لقيادة مفاوضات ولو غير مباشرة بين حزب الله وبين إسرائيل من أجل إيقاف هذه الحرب الدائرة؟
تاريا هالونين: أنا أعتقد أيضا أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مستعدين للعمل بأي طريقة كانت لحل المشكلة بين الفرقاء، إذاً المسألة هي ليست مسألة..
أحمد منصور: أنا أسألك عن فنلندا، (I ask you about Finland).
تاريا هالونين: فنلندا كبلد وكرئيس الاتحاد الأوروبي هي تقوم بالتزاماتها ورسالة الاتحاد الأوروبي نحن نساعد بكل الطرق المشكلة من أجل.. الممكنة من أجل السلام.
استقبال سجناء غوانتانامو
والحرب على العراق
أحمد منصور: صحيفة أفتن بوسطن النرويجية نقلت عن مصادر في فنلندا وصفتها بأنها مطلعة أنها طلبت من الحكومة الفنلندية استقبال سجناء غوانتانامو في سجونها لتخليص واشنطن من هذه الورطة، نُشر ذلك في يناير الماضي، هل أنتم مستعدون لاستقبال سجناء من غوانتانامو من أجل أن يعيشوا حياة كريمة في سجونكم بدلا مما يرونه في غوانتانامو؟ ما حقيقة ذلك؟
تاريا هالونين: لا أعلم أية تفاصيل حول هذه القضية، لكننا وعدنا من خلال المحاكم الدولية أن بإمكاننا أن نستقبل بعض السجناء إذا ما كانت هناك حاجة، لكنني لا أدري من هم تحديدا ولا أستطيع إعطاء إجابة محددة.
أحمد منصور: هناك سجناء آخرين موجودين في أميركا من الصين.. من المسلمين الصينيين الأغوريين، عرضت عليكم الولايات المتحدة استضافتهم أيضا في سجونكم؟
تاريا هالونين: هل يمكن إعادة السؤال؟ (Now I have difficulties with translation, I am sorry to say, could the translation repeat?) لا لم أسمع بهذه القضية أبدا ولكن كما قلت من قبل فنحن وعدنا من خلال المحاكم الدولية أنه في بعض الحالات يمكن أن نساعد من خلال وضع سجناء أو محكومين هم بحاجة إلى سجون أن نستقبلهم في بلادنا هنا وأيضا الأشخاص الذين هم موجودين في السجن هذا، الأمر أكثر تعقيدا نحن من قبل قمنا وفي بعض الحالات بإجراء ترتيبات ساعدت في حل بعض الأوضاع ولكن من الممكن أن نقوم بذلك في المستقبل، لكنني لست مستعدة لأن أتحدث أمام محطات التلفزة عن أي شيء سنعمله في المستقبل حول هذه القضية لأنه قد نسيء إلى هذا النظام.
أحمد منصور: لكن الآن تعلنون استعداد فنلندا في استقبال سجناء من غوانتانامو إذا كان هذا سيساعد في حل المشكلة؟
تاريا هالونين: ليس لدي إمكانية لإعطاء مثل هذه الإجابة لأننا رأينا بحالات أخرى وصعوبات، المجتمع الدولي مستعد في إيجاد أماكن يأوي فيها هؤلاء السجون، نحن في تحدثنا حول قضايا لها علاقة بمحاكم جزائية دولية، لكن لو أن شخصا ما موجود في سجن في بلد لكان الحالات كانت تُدار بخارج هذا النظام الدولي، لا أعتقد أنه من الواضح أن الآخرين سيأخذون هؤلاء السجناء، يجب أن يكون سجنا دوليا.
أحمد منصور: في 18 يونيو من العام 2003 دوت فضيحة سياسية كبيرة هنا في فنلندا حينما قدمت أنيلي هيتامانيكي أول امرأة تتولى منصب رئيسة الوزراء في فنلندا استقالتها بعد ثلاثة وستين يوما فقط قضتها في الحكم، وسط فوضى سياسية بشأن وثائق حكومية مسربة مفادها أن رئيس الوزراء الذي سبقها دافو ليبونن والذي كان منافسها الرئيسي في الانتخابات التي أجريت في مارس 2003 كان يؤيد موقف الولايات المتحدة بشأن حربها في العراق سرا مما يعد مخالفة لسياسة فنلندا المحايدة، ما حقيقة دعمكم السري للولايات المتحدة في حربها ضد العراق؟
تاريا هالونين: نعم أنا كنت رئيسة عندما كانت هناك انتخابات برلمانية تشريعية وزعيم المعارضة في تلك الفترة قالت إنها شعرت بأن رئيس الوزراء ليبنون الذي كان رئيسا للوزراء حينذاك كان أكثر إيجابية في النقاشات مع الرئيس بوش مما قال علناً داخل البلاد، لم تكن أدلة على ذلك لأن كل الرسائل التي تلقيتها كرئيسة وأنا لدي تعاون وثيق بالطبع مع رئيس الوزراء أعتقد أنه تحدث بنفس الطريقة في داخل فنلندا وخارجها وبالطبع يمكن أن يحدث أن الطرف الآخر وفي هذه الحالة الأميركيون يودون تأويل كلامه أو سلوكه المهذب بطريقة مختلفة، فنلندا كانت متزنة بنفس الخط مع تقريبا معظم البلدان الأوروبية حول قضية العراق، ليس لدينا قوات هناك، فنلندا لم تشارك في الحرب في حالة العراق، إذاً بهذه الطريقة لم أر أية زلة ولكن هذا كان تاريخا، أنا قلت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إنني آسفة لتصرف حتى أعضاء الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، لم أحب الطريقة التي تصرفت بها الولايات المتحدة ودخلت فيها العراق، لكن اليوم أعتقد أننا إزاء ما يمكن أن نعمله واجبنا أن نحمي العراقيين وأن نساعدهم من أجل مستقبل أفضل، أعتقد أننا في الماضي قلنا شيء لكن اليوم الشيء الأهم هو كيف نساعد الحكومة العراقية الحالية والشعب العراقي ليحصل على مستقبلهم الأفضل وآمل أن تعملون معهم أيضا..
أحمد منصور: كيف تنظرون إلى الاحتلال؟ كيف تنظرون إلى الاحتلال الأميركي للعراق الآن؟ هل حول العراق إلى مكان آمن أم حوله إلى أسوأ مكان للحرب في العالم؟
“
ما يحدث في العراق محزن جدا والعبء يقع على عاتق العراقيين للخروج من هذه الأزمة، وعلى الآخرين أن يحترموا استقلالية العراق ويساعدوا الحكومة على بناء البلد
“
تاريا هالونين: أعتقد أننا نعلم أن وضع العراق محزن وهي قصة محزنة في العراق حقيقة، لكن دعونا الآن نتحدث عن الحاضر والمستقبل، آمل أننا كلنا والأميركيون أيضا أن يفعلوا أفضل ما لديهم لمساعدة مستقبل العراق، العنف هناك لا يروق لي أيا كان سببه، لهذا السبب لم أحب أيضا الطريقة التي العراقيون حاولوا حل المشكلات.. أعتقد أن العبء يقع على العراقيين والآخرين الآن أن يحترموا استقلالية العراق ويساعدوا الحكومة على بناء البلد، تعلمون جيدا أن بعض بلدانكم كانت لديها أفكار مواقف مختلفة، لكننا كلنا شعرنا بموقف مختلف، الآن كلنا متحدون والاتحاد الأوروبي كله يريد مساعدة العراق.
أحمد منصور: أنتم كأوروبيين متهمون من شعوب المنطقة العربية بأنكم تدعمون الأنظمة الاستبدادية التي تحكم تلك المنطقة، تزور الانتخابات، تقمع الشعوب، أنتم تتعاملون مع هذه الأنظمة وتستخدمونها لخدمة مصالحكم وتدعون زيفا أنكم تدعمون الديمقراطية وتدعمون حقوق الإنسان، بل إن بعض هذه الأنظمة أصبحت تورث الحكم الآن وأنتم كأوروبيين لا تحركون ساكنا إلا فقط من أجل مصالحكم.
تاريا هالونين: مرة أخرى، لدي نظرة مختلفة بعض الشيء، أعتقد أن أوضاع الكثير من بلدان العالم هي ليست بلدان ديمقراطية بشكل كامل، آمل أن نتفق لأن الطريق الأمثل لحل المشكلات والصواب هو ليس عن طريق العنف لا داخل البلد ولا خارجه، لكن يجب أن نخلق أوضاع ضمن الأسرة الدولية تعمل بأشكال إيجابية لتعزيز البلدان الذين يسعون من أجل الديمقراطية، نعم يمكن أن يقال إن لدينا علاقات جيدة مع بلدان لا يمكن أن نوصفها بأنها ديمقراطية، لكن بالمقابل العزلة والانعزال ليست أيضا سبيلا جيدا، قبل عشرين أو ثلاثين عاما كلنا كنا نعتقد أن الانعزالية تنفع، لكن في حالات معينة مثل جنوب أفريقيا كانت نجاحا في الماضي لكن اليوم النتائج الأكثر تتحقق من خلال..
أحمد منصور: الشعب الفلسطيني اختار حركة حماس في انتخابات..
تاريا هالونين: نعم، نتعاون مع الفلسطينيين أيضا وكما قلت خلال هذه النقاشات إننا نأمل من أن حماس سوف تأتي وتقبل الاتفاقيات السابقة، إذاً أعتقد أن الاسم لا يسيء للمنظمة، لقد حدث مع (PLO) منظمة التحرير الفلسطينية ومع المؤتمر الأوروبي.. عفوا الأفريقي الوطني وأيضا هناك إمكانية إذا ما استطاعوا إقناع الآخرين بأنهم يحترمون الاتفاقيات ويعملون من أجل الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: رغم أنك لم تجيبني على كثير من أسئلتي وحاولتِ بطريقة دبلوماسية أن تعطي إجابات معممة وكنتِ مستعدة لي وعرفتِ عني الكثير قبل الحوار ولكن أعتقد أن هذا ما تستطيع أن تؤديه كرئيسة للاتحاد الأوروبي.. تشعرين بحرج كبير من وراء الدول التي ورائك ودولتكِ ربما تعرضت لضغوط في اجتماع وزراء الخارجية أول أمس من قبل الدول التي تؤيد إسرائيل، سؤالي الأخير يتعلق بفنلندا نفسها، فنلندا استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة جدا في تقرير التنافسية الدولية، مُنحت للعام الرابع على التوالي أفضل اقتصاد تنافسي، رغم أنها دولة صغيرة لا يزيد عدد سكانها عن الخمسة مليون لأن اقتصادها أقوى من اقتصاد دول عربية كثيرة بل أن شركة نوكيا ربما يكون اقتصادها أقوى من الدول العربية مجتمعة، أفضل نظام تعليمي في العالم، كيف استطعتم باختصار شديد أن تحققوا هذا النجاح؟
تاريا هالونين: إذا ما أردت أن أجيب بثلاثة كلمات.. التعليم، التعليم، التعليم، لكن إذا ما أردتموني أن أقول المزيد سوف أقول إن دولة ديمقراطية قوية تحترم حقوق الإنسان وتحترم الديمقراطية بشكل عام يمكن أن تكون أساسا جيدا للحكم وأساسا جيدا للنشاط الإنساني والاقتصادي، نحن لسنا أغنياء، لا نمتلك البترول ولا الذهب ولا المعادن النفسية، لكن مواردنا هي سكاننا وإنساننا، لهذا السبب نريد أن نوفر له أفضل تعليم للبنات وللبنين، أرجوكم افعلوا ذلك، إذا ما فعلتم ذلك ووفرتم نظاما تعليميا جيدا للبنين والبنات ستتضاعف مواردكم، لماذا تتركون النصف الآخر من دون توظيف؟ مرحبا بكم أن تأتوا إلينا وتدرسوا نظامنا ونحن مستعدون لتبادل خبراتنا معكم، لدينا اتصالات جيدة في الشرق الأوسط وآمل أننا في النهاية مع هذا اللقاء سوية إذا لم يكن الجميع متفقا معي لكنني مستعدة للحوار على أية حال ومرحبا بكم.
أحمد منصور: أشكرك سيادة الرئيسة، دائما يعني أُتهم بأن حواري قاسيا مع ضيوفي ولكن ابتسامة في النهاية وشكرا على تحملك لأسئلتي وإجابتك الأخيرة الخاصة بالتعليم من أهم الأشياء التي أشرتِ إليها وأود أن أشير أيضا إلى أن المعلمون هنا هم أكثر الناس تقديرا في هذه البلاد مثلما كان المعلمون عندنا من قبل، سيادة الرئيسة أشكرك شكرا جزيلا على هذا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم وآمل أن نكون قد قدمنا لكم صورة عن فنلندا ورئيستها أعطت المزيد من المعلومات بالنسبة إليكم، في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من كولتارانتا في جنوب غرب فنلندا ومن الدوحة وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من فنلندا والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
الجزيرة 12 آب 2006