انا وشاطئ وشركة “العربية” الفنلندية
منذ بدايات وصولي الى فنلندا وحيثما ذهبت الى مقهى جميل او لبيت دعوة خاصة تقدم لي القهوة او الضيافة بفناجين واواني انيقة وفاخرة جدا كتب عليها “Arabia”، استغربت من تلك التسمية التي لا يعرف الكثيرون عنها شيئا سوى انها شركة لها مصنع معروف في منطقة Arabian ranta في العاصمة هلسنكي. ان هذه المفردة لا تشبهها مفردة اخرى في اللغات الشمالية وتعني بكل وضوح “العربية” او “العرب”، لكن ما الذي دفع الفنلنديين الى تسمية احدى اشهر شركاتهم بذلك الاسم؟ بعد المتابعة تبين ان اسم الشركة مأخوذ من المكان الذي اقيمت فيه وهو شاطئ عربيا حيث اقيم اول مصنع لشركة ارابيا في تلك المنطقة عام 1873، فيما كان ذلك الاسم مستخدم بشكل رسمي في الوثائق الموجودة منذ العام 1751.
لكن تلك الاجابة ليست نهاية المطاف اساسا ما الذي دفع الفنلنديين على تسمية تلك المنطقة باسم عربيا؟! وبعد جولات من البحث عبر المكتبات، الانترنت، والجهات المعنية بمنطقة عربيا تبين ما يلي: ان مركز مدينة هلسنكي في بدايات تأسيسها في العقد السادس للقرن السادس عشر يقع في المنطقة التي تسمى الان اربيا، ثم انتقل بعد ذلك مركز هلسنكي الى منطقة “فيرون نيمي” الذي يبعد عن منطقة ارابيا حوالي 6 كيلو وهي مسافة بعيدة نسبيا، وفي ذلك الوقت كان هناك عرف ضمن الثقافة الفنلندية ان يطلق على المناطق البعيدة “ارابيا” اي المنطقة العربية او “كناني” اي الكنعانيون. من هنا اطلق على تلك المنطقة البعيدة نسبيا عن مركز هلسنكي الجديد ارابيا. وربما يضاف ايضا الى ذلك ان المنطقة العربية كان مركزا مهما في العالم وتقصدها قوافل الشماليين من اجل التبادل التجاري وحينما تأتي القوافل من المنطقة العربية او مصر تقف في المناطق الساحلية جنوب فنلندا ومنها تلك المنطقة الموسومة ارابيا من هنا جاءت التسمية، كما هو الحال مثلا مع البازار المصري في اسطنبول الواقع قرب الساحل اذ جاءت التسمية لان التجار كانوا يجلبون البضاعة المصرية والمناطق المحيطة بها ويبيعونها هناك. وفي العقد الاخير للقرن الحادي للعشرين بعدما تم تجديد منطقة اربيا اضيف للاسم كلمة Ranta التي تعني شاطئ ليكون الاسم Arabian ranta اي شاطئ العربية او العرب.
جمال الخرسان