مع ان مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الفنلندية المعروفة اختصارا بـ”YLE” بدأت نشاطها الإعلامي منذ التاسع من أيلول عام 1926 لكن عملها كان بالأساس بثا راديويا طوال النصف الأول للقرن العشرين، ولم تطلق المؤسسة البث التلفزيوني الرسمي حتى العام 1955، استمر البث بشكل متقطع وغير منتظم لحوالي ثلاث سنوات أي حتى العام 1958.
تلك الوقائع تجعل الاسبقية والريادة في هذا المجال للقطاع الخاص بالدرجة الأولى بالتعاون مع الجهات الرسمية. حيث كانت التجربة الأولى للبث التلفزيوني في فنلندا انطلقت بتاريخ 18 تشرين الثاني عام 1950 في الطابق الخامس من مبنى ستوكمان الشهير وسط هلسنكي بالتعاون مع شركة جنرال الكتريك الامريكية، إضافة لفنيين فنلنديين وكذلك سوق ستوكمان مع اشراف ومتابعة من قبل بلدية هلسنكي، والهدف من تلك التجربة الاستعداد لاستضافة الالعاب الاولمبية في هلسنكي عام 1952.
كان ذلك الحدث استثنائيا بامتياز .. دعي له كبار الضيوف، كان بامكان الضيوف المدعوين مشاهدة البث من خلال تسعة اجهزة تلفزيون وضعت في زوايا المتجر. تمثل تلك التجربة نقلة نوعية باتجاه إرساء تقنية البث التلفزيوني في فنلندا. السوق العريق ومبناه المهيب الواقع وسط العاصمة هلسنكي يحتفظ بتلك الذاكرة ويعتبرها جزءا مهما ليس فقط من تاريخه بل من تاريخ الشاشة الصغيرة وبداياتها في بلد مثل فنلندا كان في الخمسينات قد خرج للتو من ركام الحرب العالمية الثانية، ويدفع التعويضات للاتحاد السوفيتي من كد أبنائه ومثابرتهم لكنه بذات الوقت يحمل طموحا كبيرا من اجل تجاوز كبوات الماضي والانفتاح على تجربة جديدة.
جمال الخرسان
