سفينهود رئيس اول حكومة فنلندية.. من سيبيريا الى سدة الحكم
تمرد على سياسة الترويس فابعد الى سيبيريا وحينما استقلت فنلندا عاد ليقود اول حكومة بعد استقلال فنلندا
حافلة بالإثارة والاحداث حياة السياسي، المحامي والقاضي الفنلندي إيفيند سفينهود Pehr Evind Svinhufvud بمختلف مراحلها، نضاله ضد الاحتلال الروسي، ابعاده الى سيبيريا ثم عودته لتسلم سلسلة من المناصب السيادية في الدولة بعد مرحلة ما بعد الاستقلال.
بين ولادة إيفيند سفينهود عام 1861 في مدينة ساكس مكي جنوب فنلندا وبين وفاته 1944 في مدينة لوماكي جنوب فنلندا يضا ثلاثة وثمانون عاما من التحولات المختلفة التي تمثل شاهدا على ابرز ما حصل في فنلندا من متغيرات في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين.
بعد ولادته بعامين فقد والده حيث غرق الاخير في البحر الابيض المتوسط على مقربة من السواحل اليونانية حيث كان يعمل آنذاك قبطان سفينة. وحينما كان سفينهود في السادسة من عمره فقد جده حيث انتحر الجد وكان حينها يتبوأ منصبا مهما على صعيد المقاطعة التي كانت تعيش فيها العائلة. تلك الاحداث المثيرة دفعت العائلة الى الانتقال الى هلسنكي والعيش هناك. درس الاكاديمية في جامعة هلسنكي وتوركو وحصل على شهادات رفيعة في مجال التاريخ والقانون.
في شبابه عانى سفينهود من الهيمنة الروسية على فنلندا، وكان شاهدا على سياسية الترويس التي سنّها آخر القياصر الروس الروسي نيكولاي الثاني الذي حكم في الفترة (1894-1917)، عرف نيكولاي بقسوته تجاه المستعمرات او الدوقيات التابعة لروسيا القيصرية، وفيما يتعلق بفنلندا فقد وجّه بممارسة سياسة الترويس التي تهدف لطمس الثقافة واللغة الفنلندية وصهرها بالهوية الروسية، ذلك فرض لإرادة القوي على الضعيف. بدأت تلك السياسة بأمر من القيصر ينص على إلغاء الحكم الذاتي الذي كانت تتمتع به فنلندا، والتضييق على الممارسات الفنلندية العامة ذات الطابع الوطني، كذلك دمج الجيش الفنلندي بالجيش الروسي، وانتهى بمنع التداول الرسمي باللغة الفنلندية.
رفض سفينهود لذلك الواقع دفعه للنشاط في جمعية “Kagaali”، وهذه الاخيرة جمعية سرية تنشط لمناهضة الاضطهاد الروسي في فنلندا ضمّت العديد من الشخصيات البارزة من نخبة المجتمع الفنلندي آنذاك. نشاطاته السياسية المناهضة للاحتلال الروسي كان سببا في عزله عن منصبه القضائي ونفيه الى “سيبيريا” حيث درجات الحرارة المنخفضة الى حدود جنونية تفوق بكثير قسوة الحياة في فنلندا. سيبيريا كانت منفى لكل من غضبت عليه السلطة.
سفينهود ابعد الى سيبيريا في تشرين الثاني عام 1914 وبقي هناك حتى شباط عام 1917 حينما بدأت الثورة الروسية، آنذاك اطلق سراحه وعاد الى فنلندا في آذار من نفس العام واستقبل في فنلندا استقبال الابطال.
وكما تسلّم سفينهود رئاسة البرلمان للفترة 1907-1912 في ظل الاحتلال الروسي لفنلندا فإنه حصل على مناصب عديدة بعد الاستقلال، فما ان عاد من سيبيريا الى فنلندا حتى ترأس اول حكومة فنلندية “حكومة مجلس الشيوخ” التي ضمّت 11 شخصا. استمر مجلس الشيوخ منذ 27 تشرين الثاني 1917 إلى 27 ايار، 1918. تلك الحكومة المصغّرة قادت فنلندا من العاصمة هلسنكي بداية، لكنها اضطرت للانتقال الى مدينة فاسا منذ 29 كانون الثاني وحتى 3 ايار 1918 ولذلك كان يطلق على تلك الحكومة المصغّرة بـ”حكومة فاسا”. كان المجلس يتكون من 11 شخصا 6 منهم من حزب شباب فنلندا، واثنان من حزب فنلندا، واثنان من حزب الوسط وواحد من حزب الشعب السويدي.
كما اصبح سفينهود حاكم فنلندا للفترة 1918-1919. تسلّم ايضا منصب رئيس الوزراء لعدة فترات 1917-1918 ثم 1930-1931. مضافا لجميع ما تقدم فقد أصبح سفينهود الرئيس الفنلندي الثالث بين الاعوام 1931-1937.
وتقديرا لأهمية سفينهود في التاريخ السياسي الفنلندي تم تخليده بجملة من الاعمال الفنية من اشهرها تمثاله الشامخ امام مبنى البرلمان الفنلندي في هلسنكي والذي شيّد عام 1961. عن سفينهود هناك جمعية باسم P.E. Svinhufvudin muistosäätiö تلاحق كل ما يتعلق به وتمنح سنويا جائزة معروفة في مجال الادب. واعتزازا به ايضا تم اصدار العديد من الطوابع البريدية.
هلسنكي- جمال الخرسان