ثقافة وفن

حول “اسكندنافيا” و”بلدان الشمال”

 

بشكل او باخر يستخدم الباحثون مصطلح “اسكندنافيا” لتوصيف السويد، النروج، الدانمارك وحتى فنلندا لكن ذلك لا ينفي الجدل الذي يثار حول شمول ذلك المصطلح لجمهورية فنلندا والى حد ما ايضا شموله لمملكة الدنمارك. جذور القضية تعود الى ان ذلك المصطلح الذي تم التداول به في الالفية الثانية كان يطلق بالدرجة الاولى على النروج والسويد لما بينهما من ترابط جغرافي وثقافي وثيق جدا، ثم بعد ذلك اتسع المصطلح ليشمل الدانمارك، اما بخصوص فنلندا التي تختلف لغويا وعرقيا عن البلدان الثلاثة فان المصطلح يشملها جغرافيا على الاقل باعتبار ان فنلندا كانت تحت الاحتلال السويدي قرابة الستمائة عام وحينما بدأ استخدام تسمية اسكندنافيا كان يطلق ايضا على المملكة السويدية وما يتبعها، وهذا احد اهم الاسباب التي تدفع بعض المتابعين لتوصيف فنلندا بانها احدى الدول الاسكندنافية، ناهيك عن التقارب الثقافي والجغرافي الكبير بين هذه الشعوب الاربعة وهذا سبب آخر يسمح باستخدام المفردة ولو على سبيل المجاز. الجغرافيا رابط وثيق جدا بين فنلندا وجوارها الغربي، ومن هنا نشأ مصطلح آخر يسمى “Fennoscandia” الذي يشمل شبه الجزيرة الاسكندنافية التي تضم السويد، النروج وفنلندا. التمايز الذي يجمع البلدان الاربعة بالإضافة الى اقصى بلدان العالم شمالا وهو ايسلندا دفع للبحث عن توصيفات ذات مظلة ثقافية، سياسية وجغرافية اكثر دقة واكثر شمولية، من هنا اخذ يستخدم منذ مطلع القرن العشرين مصطلح “دول الشمال” او البلدان النوردية “Norden”، وترسيخا لذلك الواقع فقد اسس منذ العام 1951 “مجلس بلدان الشمال” ليمثل مظلة ثقافية سياسية وجغرافية وثيقة بين البلدان الخمسة المذكورة، مظلة بلدان الشمال تمثل رابطا اكثر بكثير من الرابط السياسي، وذلك ما دفعها لتوقيع اتفاقية الاتحاد الشمالي لجوازات السفر التي يسمح فيها لمواطني اعضاء المجلس التنقل فيما بينهم دون الحاجة لجوازات سفر وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيز ابتداءا من 12/7/1952، لتكون تلك الاتفاقية اللبنة الاولى ارتكزت عليها “اتفاقية شنغن” بين 26 دولة من بلدان الاتحاد الاوروبي والتي وقعت عام 1985. اذ استنسخت فكرة التنقل بلا جواز بين معظم بلدان الاتحاد الاوروبي اعتمادا على تجربة طبقت قبل حوالي نصف قرن بين تلك البلدان الشمالية الخمسة. ان مصطلح “الشماليون” او رجال الشمال نابع بالأساس من توصيف جغرافي اطلقته البلدان التي تقطن جنوب بلدان الشمال وكانت على احتكاك مباشر مع شعوب اقصى شمال اوروبا، وخصوصا حينما كان الشماليون يشنون الغزوات بين الحين والاخر على البلدان والمقاطعات المحيطة بهم بما في ذلك انكلترا وفرنسا، وقد زاد التوصيف وضوحا في حقبة الفايكينغ حينما بلغوا ذروة اوجهم منذ القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر.

جمال الخرسان

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى