طائر السنونو سفيرنا الى سقف العالم
بحكمته وهيبته يشابه طائر البومة في الثقافة الاوروبية، وفي سرعته وخفته يعد من اسرع الطيور في العالم، ولانه مرهف الاحساس جميل المنظر بهيّ الطلة تجل له معظم شعوب الكرة الارضية كل الاحترام والتقدير. ذلك هو طائر الخطاف الذي ينتمي الى عائلة “السنونو ـ Barn Swallow”.
يكثر الخطاف او السنونو في مناطق الاهوار ويعرف سكان المنطقة ذلك الطائر جيدا فهو يبني عشه من الوحل والقش ويلصقه في سقوف منازلهم. له انواع مختلفة منه ذو اللون البني والابيض ومنه ذو اللون الازرق النيلي مع الابيض ومنه ما جمع بين الوان مختلفة، ويتراوح طوله من 18 إلى 20 سم وعادة ما يكون ذيله الطويل مشابها للرقم ثمانية وربما يكون احد الطرفين اطول من الاخر.
ولأنه طائر يفضل الاجواء المعتدلة فهو من الطيور المهاجرة التي تأتي للاهوار في فصل الخريف في الفترة ما بين تشرين الاول والثاني، ويبقى حتى شهر آذار حينما يحل الربيع فيهاجر على شكل اسراب الى القطب الشمالي وبالذات الى بحر البلطيق، يضع بيوض ويتكاثر في شمال الكرة الارضية، وهناك خطاف يفضل البقاء والتوطن في الاهوار طوال العام. ان طائر السنونو لا يفضّل ضجيج المدن الكبيرة ولا صمت الغابات المطبق لذلك كثيرا ما يفضل الارياف والمناطق الهادئة.
السنونو طائر مهاب ومحترم كثيرا في عرف سكان الاهوار، فكبارهم يوصون الصغار بالحفاظ على هذا الطائر وعدم التعرّض له او اصطياده او ازالة عشه من فوق السقوف، لدرجة انهم يتركونه يعشعش في بيوتهم بل يتبركون به ويعتبرونه طائرا مباركا مقدسا مهابا سيما السنونو ذو اللون الازرق او الاسود حيث يسمى “العلوية” تشبيها له بمن ينتسب الى ذرية الرسول ويلبس اليشماغ النيلي. الملفت ان السنونو نفسه يعرف جيدا بأن سكان الاهوار لا يجرؤون على صيده، أنه واثق بأن أحدا منهم لن يقترب منه، ولذلك فهو لا يهرب منهم. انه طائر مهاب اينما حل، فالبلطيقيون ايضا ينظرون اليه نظرة لا تختلف كثيرا عن النظرة العراقية، فمن يتعرّض للسنونو أو يؤذيه يواجه متاعب او يلاقي مصيرا مخيفا ويطاله مكروه. معظم الاسكندنافيين ينظرون لهذا الطائر على انه طائر ثمين ونادر ومهاب، وانه حيثما يعشعش فأنه يجلب الحظ ويبعث الامل. كما يعتبر السنونو هو الطائر الوطني لاستونيا، ورمز من رموزها الوطنية منذ الستينات من القرن الماضي. وفي بعض الفترات كانت صورة السنونو في العملة النقدية الاستونية. يسميه الاستونيون “طائر المسيح”. في فنلندا اختير السنونو شعارا لبعض المقاطعات الواقعة جنوب البلاد وله هناك حظوة كبيرة. وفي العراق فانه الشعار الرسمي والتاريخي للخطوط الجوية العراقية.
هذا هو السنونو الذي يعتبر بمثابة الرسول المنتدب بين هيبة سومر وثقل منطقة البلطيق، انه طائر يجيد التجوال بشكل جيد ويعرف ايضا ان من يتذوق عذوبة دجلة لا يستسيغ بعده الا بحيرات الشمال في اوروبا تلك البحيرات التي جعلت من البلطيق اكبر مسطح “مسوسي” في العالم لشدة عذوبتها وصفائها، والمسوس هو الماء الذي تكون ملوحته أعلى من ملوحة المياه العذبة، لكنه لا يصل لدرجة ملوحة ماء البحر، بسبب اختلاطه بمياه الأنهار والبحيرات.
جمال الخرسان